استظهر من بعض الروايات أن المناط في جواز التصرف في مال اليتيم هو عدم الضرر عليه، كما أن المناط في الحرمة وجود الضرر عليه.
المناقشة في هذه المعاني والذي ينبغي أن يقال إن شيئا من المعاني الأربعة لا يرتبط بالقرب:
أما الاحتمال الثالث، فلأن مثل البيع والاقتراض والإجارة ونحوها مما يعد في العرف تصرفا ليس قربا، فإنه هو الاتيان، وليس في أمثال ذلك قرب واتيان بوجه.
وأما المعنى الرابع، فهو ليس بتمام في نفسه، بل يعد جعله من معاني القرب من العجائب، إذ لا يصدق القرب على الترك وعلى الاعدام، فهل يقال لمن ترك شيئا أنه قرب منه.
وأما المعنى الثاني، فلا وجه له أيضا، إذ لا وجه لتخصيص القرب بالابتداء وعدم شموله للاستدامة، فإنه تخصيص بلا مخصص، وكذلك لا وجه للرابع وتخصيصه بالتقليب والتقلب وعدم شموله لابقائه في حاله أو عند أحد، مع أنه يمكن أن يكون نفس الابقاء عند أحد استيلاء عليه.
بل معنى القرب هو الاتيان إلى الشئ خارجا والاستيلاء، فتارة ينسب إلى الأفعال، كقوله تعالى: ولا تقربوا الفواحش (1)، والأخرى إلى الأعيان، كقوله تعالى: ولا تقربوا مال اليتيم (2)، فالمعنى هنا - والله العالم - أنه لا يجوز الاستيلاء على مال اليتيم وتملكه إلا بوجه يكون حسنا ومصلحة.