المتلقي أحد المسلمين، فالغرض من ذلك هو بيان أنه لا يمنع أحد من توجه التجارة إلى المدينة، فالمسلمون يرزق الله بعضهم من بعض، فإنه إذا توجهت التجارة إلى البلد فيشتري نوع الناس منها على القيمة الرخيص.
ثم إنه ذكر في رواية عروة حكم آخر، وهو قوله (عليه السلام): ولا يبيع حاضر لباد، ولكن الظاهر من ذلك هو أن لا يبيع الحاضر متاع الباد ولا يصد بذلك بل يخلي بينه وبين أهل البلد، فإنه لو يصد بذلك أهل البلد لباع متاعه بقيمة عالية، فيكون نوع الناس في مضيقة بخلافه إذا تصدى شخص البادي بذلك، فإنه يبيع بقيمة الرخيص فيكون في ذلك توسعة لنوع الناس، مثلا إذا باع البادي للبقالين رخيصا فيبيع البقالين لأهل البلد كذلك فيكونون في مضيقة.
وليس المراد من قوله (عليه السلام): ولا يبيع الحاضر لباد، أنه لا يبيع الحاضر متاع شخص لباد، فإنه غير محتمل جدا، فإن البادي يحتاج إلى المأكل والمشرب فكيف لا يسوغ لأهل البلد أن لا يبيع لبادي، بل يجوز ذلك بلا شبهة حتى في الطريق.
جريان الحكم في موارد أخرى ثم إنه لا فرق في ذلك بين البيع وغيره من الصلح ونحوه، فإن الغرض من النهي عن التلقي، سواء كان حراما أو مكروها، هو ترك التلقي للتجارة، والتجارة غير منحصرة بالبيع.
ثم إن من قبيل تلقي الركبان كراهة أو حرمة الاستقبال لخدمة الزوار لأجل اعطائهم المسكن، بل لا بد وأن يخلوا سبيلهم، فإن المسلمين يرزق الله بعضهم من بعض كما لا يخفى.