إن الضمان على نحو الواجب الكفائي إنما يتصور في الواجبات التكليفية، فإنه لو قلنا إن الأداء بنحو الواجب التكليفي لكان لذلك وجه فيكون ذلك مثل الترتب أنه يجب الأداء بهذا الشخص إن لم يؤد الآخر فيتوجه الأمر بالأداء إلى كل منهم بعنوان الواجب المقيد، ولكنه ليس الأمر كذلك.
فباب الضمان لا يقاس بالأحكام التكليفية، فلا يعقل الضمان بنحو الترتب بحيث يكون كل منه في عرض الضمان الآخر، بل لا بد وأن يشتركا في الضمان أو يكون على واحد فقط، وإلا لو قلنا بأن ضمان كل منهم مقيد بعدم ضمان الآخر معناه أن لا يضمن جميعهم.
نعم يمكن القول بالترتب الطولي، فهو غير مسلك العامة، كما إذا أمر شخص بضمان لشخص عنه وهكذا، فإن كل منهم ضامن في طول الآخر بحيث لو لم يؤدي المضمون عليه دين المديون فيرجع إلى ضامنه لانتقال المال إلى ذمته فيرجع هو إلى المضمون عليه لكون ضمانه بأمره، وهكذا المتأخرون. (1) بيان آخر في تصوير الضمان في تعاقب الأيدي والحاصل أن كلامنا كان في تصوير الضمان في تعاقب الأيدي على كل واحد من الأشخاص مع كون المال واحدا، بأنه فلماذا يرجع السابق إلى اللاحق مع عدم الغرور وأن المالك كيف يرجع على كل واحد منهم مع كون المال واحدا فلا يضمن المال الواحد إلا شخص واحد.
وقد وجهه شيخنا الأنصاري ذلك بتنزيله منزلة الواجب الكفائي وأنه كما أن الواجب في الواجب الكفائي شئ واحد وإن كان المكلفين