وينتقل إليه ولا يرجع على البايع لعدم القدرة، نعم إذا لم يكن المبيع من شأنه أن يقبض عرفا لم يصح المعاوضة عليه بالبيع، لأنه في معنى أكل المال بالباطل.
أقول: هذا الفاضل وإن أجاد في أصل المسألة، لما ذكرنا من عدم الدليل على اعتبار القدرة على التسليم في البيع، ولكن لا يمكن المساعدة عليه في الكبرى الكلية التي أفادها، من أن المشتري لو رضي بالابتياع مع علمه بعدم تمكن البايع من التسليم جاز، وذلك لأن هذه الكبرى منقوضة ببيع العبد الآبق مع الضميمة حيث ورد النص بعدم صحة بيعه بدون الضميمة حتى مع رضاية المشتري بل يحكم ببطلانه كما لا يخفى.
القدرة على التسليم ليست مقصودة بالاشتراط إلا بالتبع قوله (رحمه الله): ثم إن الظاهر كما اعترف به بعض الأساطين أن القدرة على التسليم ليست مقصودة بالاشتراط إلا بالتبع.
أقول: قد عرفت فيما تقدم أن القدرة بما هي ليست لها موضوعية، بل الغرض من اشتراطها في البيع البناء على وصول العوضين إلى المتبايعين.
وعلى هذا فلو قدر المشتري على التسليم دون البايع كفي في الصحة كما هو المشهور، مثلا لو وقع عباء أحد في الكوفة على الشط فهو لا يقدر على السباحة وباعه من شخص يقدر عليها بأنه حينئذ صح البيع لحصول الغرض، فلا يضر عدم قدرة البايع على السباحة، وكذلك لو لم يقدر كل من المتبايعين على التسليم والتسلم ولكن يوثق بحصوله في يد المشتري للاطمئنان عليه، كالطيور التي تذهب صباحا وترجع مساء، فإن العادة قاضية برجوعها وإن لم يقدر المتبايعين على الأخذ بدون الرجوع.