الجهة الأولى: في تحقق الاندار في مقام الاعطاء والقبض والاقباض لا شبهة في صحة البيع وعدم كون المعاملة غررية، فإنها تحققت صحيحة، فالاندار في مقام الاقباض لا يوجب قلب المعاملة عن صحتها إلى غيرها، وحينئذ يجوز الاندار مع التراضي في مقام الاعطاء ولو بمقدار أكثر من الظرف، فإن المتاع مال للبايع فهو مسلط على ماله، فله أن يبذل مقدار منه أو جميعه.
فقول شيخنا الأستاذ: إن الاندار يوجب جهالة المبيع ولو بعد تحقق البيع صحيحا، لا يمكن المساعدة عليه، وما ذكره كاشف الغطاء (رحمه الله)، من كون الاندار موجبا للغرر، فيكون البيع الذي وقع فيه الاندار باطلا في غير هذه الصورة كما سيأتي.
وإن لم يتراضيا بالاندار، فأيضا لا وجه لبطلان البيع، بل يحكم بصحته إذا كان المبيع مما تعارف الاندار فيه، كما بيع الأدهان والدبس والنفط والأثمار والأرز وغيرها، فإن كثيرا من الأشياء قد جرت العادة بالاندار فيه بعد البيع، فإن رضي المالك به فلا كلام فيه كما تقدم، وإن لم يرض به المالك فبالشرط الضمني العقدي نجبره على الاندار، فإن جريان العادة بذلك في حكم الاشتراط في ضمن العقد صريحا، فحينئذ يجوز الاندار فلا يضر بصحة المعاملة أيضا.
وإن لم يرض البايع بالاندار ولم يكن المبيع من الأشياء التي تعارف فيه الاندار ليكون جوازه ثابتا بالشرط الضمني، فنأخذ القدر المتيقن ونجري البراءة من المقدار الزائد عنه، وباستصحاب عدم زيادة عن المقدار المتيقن كما هو واضح.
ونظير ذلك ما إذا مات البايع والمشتري بعد المعاملة ووقع النزاع في