ثم لا وجه للحكم بالكراهة هنا كما توهم، بل إن تم الدليل فيحكم بالحرمة، وإلا فيحكم بالجواز بلا كراهة.
بيان آخر إن كان مدرك الحكم في حرمة بيع العبد المسلم من الكافر هو الاجماع، فلا شبهة في عدم شموله للمصحف لكونه دليلا لبيا فيراد به المتيقن، وإن كان المدرك هو آية نفي السبيل أو الروايات فيستدل بها على المقام بالفحوى كما سلكه المصنف، وهو من أن الوجه في ذلك هو لزوم مراعاة احترام المؤمن، احتراما يقتضي نفي سبيل الكافر عليه، وهو يستدعي بالأولوية القطعية حرمة بيع المصحف أيضا، إذ هو أعظم احتراما ودرجة من المؤمن، بل عليه يدور أساس الاسلام، بل لو دار الأمر بين حفظه وحفظ آلاف من المؤمنين يكون حفظه مقدما عليهم، كما كان الأمر كذلك من صدر الاسلام وبدئه.
وعلى هذا فإذا نفي سبيل الكافر على المؤمن فبالأولوية ينفي سبيله على القرآن أيضا، فيحرم نقله إليه بأي عنوان كان.
المناقشة في ما يستدل عليه وفيه أولا: نمنع كون مناط المنع في بيع العبد المسلم من الكافر هو الاحترام وحفظ شؤون المؤمن، بل يمكن أن يكون الوجه فيه هو شئ آخر، وهو مبغوضية نفس تملك الكافر، أو حكمة أخرى لا سبيل لنا إليها، وعلى تقدير قبول المناط فنمنع الأولوية في ذلك، إذ لا نسلم أن يكون احترام مطلق القرآن أولى من احترام المؤمن، بل إنما هو نشأ من الخلط والاشتباه.