دائرة القسمة وإذا قلوا فتضيق دائرته، وأما في القسم الثالث فلا يجب القسمة على جميع السهام والموقوف عليهم، بل يجوز الاعطاء لواحد والاختصاص به، لأن الوقف لجهة، وهي متحقق بواحد لصدق الجهة وتحقق الاعطاء لأهل العلم.
وهذا بخلافه في القسم الثاني، فإنه لا بد فيه من ملاحظة جميع الموقوف عليهم وتوفية القسمة لهم، قلوا أو كثروا، ومن ذلك يختلف القسمة سعة وضيقا باختلاف الموقوف عليهم كثرة وقلة، وأنه لا بد من اعطاء كلهم قسمة حقيقة، حتى لو مات أحدهم بعد حصول الغلة فتنقل إلى وارثه، وهذا بخلافه في القسم الثالث.
ثم إن هذا القسم من الوقف أيضا تمليك، لعين ما تقدم في القسم الثاني، من اقتضاء نفس مفهوم الوقف ذلك، وأنه لو غصبه غاصب يحكم بضمانه بخلاف التحرير، وأن السيرة العقلائية تقضي أن يعامل مع مثل تلك الأوقاف معاملة الملكية لقيامها على الضمان ووجوب الرد على النحو المأخوذ، فبالملازمة تدل على الملكية، غاية الأمر ملكا للجهة نظير الزكاة والصدقات ونحوهما.
والظاهر أنه لا شبهة في جواز بيع هذا القسم أيضا مع عروض الجهة المجوزة للبيع، فإنه مع وجود المقتضي له وشمول عمومات صحة البيع عليه وعدم وجود المانع عنه فلا شبهة في ذلك، فإنا نشك في صحة المعاملة عليها مع تعذر استعماله فيما أعد له ووقف عليه، فنتمسك بأصالة الإباحة، وقوله (عليه السلام): الوقوف على حسب ما يوقفها أهلها (1)، ناظر إلى حفظ جهة الوقف مع الامكان لا مع التعذر.