الموجودة ما دام موجودا فيكون النفع لهم، فلا يجوز لهم الهبة واعدام العين وبعد الموت يكون ملكا للبطون اللاحقة.
وبالجملة لا يجوز العمل بهاتين الروايتين، بأن يفتي بهما على جواز بيع الوقف، بل لم يوجد قائل بالجواز إلا ما نسب إلى المفيد، وقد عرفت انكار العلامة النسبة.
الصورة الخامسة: أن يلحق الموقوف عليهم ضرورة شديدة قوله (رحمه الله): الصورة الخامسة أن يلحق الموقوف عليهم ضرورة شديدة.
أقول: قد جوز بعضهم البيع في هذه الصورة، بل عن الإنتصار والغنية الاجماع عليه، إلا أنه معارض بدعوى الاجماع على عدم الجواز، على أن الاجماع المنقول ليس بحجة، وربما استدل على ذلك برواية جعفر المتقدمة، لقوله (عليه السلام) فيها: إذا احتاجوا أو لم يكفهم ما يخرج من الغلة لهم أن يبيعوا الأرض.
وفيه ما ذكره المصنف، وحاصله أن ظاهر الرواية أنه يكفي في البيع عدم كفاية غلة الأرض لمؤونة سنة الموقوف عليهم، وهذا أقل مراتب الفقر الشرعي، والذي يظهر من عبائر القوم الذي يجوزون بيع الوقف عند الضرورة والحاجة الشديدة لا ينطبق على هذه الرواية، فإن النسبة بين الحاجة الشديدة وبين مطلق الفقر عموم من وجه.
فإن الانسان قد يكون فقيرا ولا تكون له حاجة شديدة لكونه واجدا لما يكفيه في إدارة شؤونه من مال الفقراء، كالزكاة والصدقات ورد المظالم، وقد لا يكون شخص فقيرا بل موسرا جدا وواجدا من الأموال بما لا يعلم حسابه إلا الله، ومع ذلك تتفق له الحاجة الشديدة في بعض الأوقات، كما إذا كان في بلد لا يصل إلى ماله ولو بالاستقراض، ولكن عنده وقف