تحقيق في معنى المكان في الأملاك الشخصية والأوقاف والمسجد الحرام وتحقيق هذه الدعوى، أن المسجد إنما هو المكان الذي يحتاج إليه كل جسم ويفتقر إليه، وليس هذا المكان عبارة عن الأرض ولا الهواء الموجود في الفضاء، بل هما أيضا من الأجسام المحتاجة إلى المكان، بل المكان وإن كان شيئا يحتاج فهمه إلى النظر الدقيق بل مما يتحير فيه العقول ويختلف فيه أهل الفلسفة أيضا في بحث الأعراض وفي بحث غناء الواجب تعالى من المكان.
ولكن الظاهر ولو بحسب المسامحة العرفية أنه عبارة عن البعد الخالي من كل شئ حتى من الهوى، ولذا لو أخرجت جميع أجزاء المسجد من الأرض والسقف والجدران إلى محل آخر وأترك محلها تراب وجص غيرها ترتب حكم المسجد على الأجزاء الجديدة وانسلخت عن الأجزاء الخارجة.
وهكذا الحكم في غير المساجد من الأملاك الشخصية، فإن المكان الذي متعلق حق الناس إذا خلا عن جميع الأجزاء من التراب والأجر والجص، وبفرض المحال عن الهواء أيضا، بل إلى تخوم الأرض بالفرض المحال، لو كان إلى تخوم الأرض متعلق حق الغير، وإن لم يكن كذلك فإن متعلق الحق ما يعتبره العقلاء للملاك من الفوق والتحت، وكذلك في المساجد في غير المسجد الحرام.
فإنه ورد روايتين في خصوص مسجد الحرام أنه مسجد من تخوم الأرض إلى عنان السماء (1)، فإذا خليت عن التراب إلى تخوم الأرض