ضمان العين والمنافع وقد تقدم في المقبوض بالعقد الفاسد أن المالك يرجع على القابض وكذلك المغصوب على الغاصب بقيمة يوم الدفع بحسب القواعد، ولكن مقتضى صحيحة أبي ولاد أن يرجع إلى قيمة يوم الغصب (1)،
١ - قال: اكتريت بغلا إلى القصر ابن هبيرة ذاهبا وجائيا بكذا وكذا، وخرجت في طلب غريم لي، فلما صرت قرب قنطرة الكوفة خبرت أن صاحبي توجه إلى النيل، فتوجهت نحو النيل، فلما أتيت النيل خبرت أن صاحبي توجه إلى بغداد، فاتبعته وظفرت به وفرغت مما بيني وبينه ورجعنا إلى الكوفة، وكان ذهابي ومجيئي خمسة عشر يوما، فأخبرت صاحب البغل بعذري وأردت أن أتحلل منه مما صنعت وأرضيه، فبذلت له خمسة عشر درهما، فأبى أن يقبل، فتراضينا بأبي حنيفة، فأخبرته بالقصة وأخبره الرجل، فقال لي: وما صنعت بالبغل، فقلت: قد دفعته إليه سليما، قال: نعم بعد خمسة عشر يوما، فقال: ما تريد من الرجل، قال:
أريد كري بغلي فقد حبسه على خمسة عشر يوما، فقال: ما أري لك حقا لأنه اكتراه إلى قصر ابن هبيرة فخالف وركبه إلى النيل وإلى بغداد فضمن قيمة البغل وسقط الكري، فلما رد البغل سليما وقبضته لم يلزم الكري.
قال: فخرجنا من عنده، وجعل صاحب البغل يسترجع، فرحمته مما أفتي به أبو حنيفة، فأعطيته شيئا وتحللت منه، فحججت تلك السنة فأخبرت أبا عبد الله (عليه السلام) بما أفتي به أبو حنيفة، فقال: في مثل هذا القضاء وشبهه تحبس السماء ماءها، وتمنع الأرض بركتها، قال:
فقلت لأبي عبد الله (عليه السلام): فما تري أنت، قال: أري له عليك مثل كري بغل ذاهبا من الكوفة إلى النيل، ومثل كري بغل راكبا من النيل إلى بغداد، ومثل كري بغل من بغداد إلى الكوفة توفيه إياه، قال: فقلت: جعلت فداك إني قد علفته بدراهم فلي عليه علفه، فقال: لا لأنك غاصب، فقلت: أرأيت لو عطب البغل ونفق أليس كان يلزمني، قال: نعم قيمة بغل يوم خالفته، قلت: فإن أصاب البغل كسر أو دبر أو غمز (وفي التهذيب: عقر، وفي الوافي: غمر) فقال: عليك قيمة ما بين الصحة والعيب يوم ترده عليه، قلت: فمن يعرف ذلك، قال: أنت وهو إما أن يحلف هو على القيمة فتلزمك، فإن رد اليمين عليك فحلفت على القيمة لزمه ذلك، أو يأتي صاحب البغل بشهود يشهدون أن قيمة البغل حين أكري كذا وكذا فيلزمك، قلت: إني كنت أعطيته دراهم ورضي بها وحللني، فقال: إنما رضي بها وحللك حين قضى عليه أبو حنيفة بالجور والظلم، ولكن ارجع إليه فأخبره بما أفتيتك به، فإن جعلك في حل بعد معرفته فلا شئ عليك بعد ذلك.
قال أبو ولاد: فلما انصرفت من وجهي ذلك لقيت المكاري، فأخبرته بما أفتاني به أبو عبد الله (عليه السلام) وقلت له: قل ما شئت حتى أعطيكه، فقال: قد حببت إلى جعفر بن محمد (عليهما السلام) ووقع في قلبي له التفضيل وأنت في حل، وإن أحببت أن أرد عليك الذي أخذت منك فعلت (الكافي ٥: ٢٩٠، التهذيب ٧: ٢١٥)، صحيحة.