ولكن يمكن لنا التفصيل في المقام، بينما يكون ما يرجع المالك إلى المشتري داخلا تحت ضمان البايع، فللمشتري أن يرجع في ذلك إلى الغار، وبينما لا يكون ذلك داخلا تحت ضمان البايع، فلا يرجع المشتري فيما اغتر به للمالك إلى البايع.
وتوضيح ذلك أنه لو اغتر أحد غيره بتقديم مال الغير إليه بما أنه مال نفسه فانكشف بعد التلف أنه مال الغير أو مال الأكل الذي هو المعطي له، فلا شبهة أن الغير يرجع إلى الأكل وهو يرجع إلى المقدم لكونه ضامنا ابتداء في ذلك، وإنما سلط الغير عليه بعنوان أنه مال نفسه لا بما أنه مال الغير، وهكذا لو ظهر أنه مال الأكل أيضا كما لا يخفى.
وعلى هذا فليس للمسلط أن يرجع إلى الأكل لو رجع المالك إليه، بدعوى أنه سلطه عليه لكونه مال الغير، فإن قصده لا يفيد بوجه.
تقسيم المنافع من جهة ضمانها للغاصب إذا عرفت ذلك فنقول: إن المنافع على قسمين: فقسم منها تكون داخلة تحت ضمان الغاصب كأجرة الدار والثمار للأشجار ونحوها، وقسم منها لا تكون داخلة تحت ضمان الغاصب كركوب الدابة إلى الحلة أو الكربلاء مثلا.
ففي الأول إذا رجع المالك إلى البايع فليس للبايع أن يرجع إلى المشتري، فإنه بعد اقدامه على ضمان مال الغير واعطائه قيمته وقيمة منافعه صار مالكا للمغصوب بقاء، فكما لا يرجع إلى من سلطه على اتلاف ماله ابتداء فكذلك ليس له الرجوع إلى من سلطه على اتلافه بقاء، فإذا ليس له ذلك في العين أو في المنافع المستوفاة على تقدير بقاء العين، ففي المنافع غير المستوفاة بطريق أولى لا يرجع إلى المشتري لأنه بنفسه