أقول: قد عرفت أن المدرك لاعتبار القدرة على التسليم قوله (عليه السلام):
نهى النبي (عليه السلام) عن بيع الغرر، بناء على كونه بمعنى الخطر، وقوله (عليه السلام): لا تبع ما ليس عندك، بناء على تفسيره بمعنى عدم السلطة على التصرف والتسليم، وإنما يتوقف الاستدلال بهما على المقصود على مقدمات ثلاث:
المقدمة الأولى: أن يكون المتعاملين مالكين على المبيع والثمن، وغير المالك ليس مخاطبا بهذا الخطاب كالفضولي ونحوه فلا يشملان لغيره بل لخصوص المالك.
المقدمة الثانية: أن يكون الغرر فعليا، فإن فعلية الحكم بفعلية الموضوع، فالغرر الشأني لا يكون مؤثرا في بطلان العقد.
المقدمة الثالثة: أن يكون مخاطبا بالتسليم ومأمورا به، وفيما ليس أمر بالتسليم فلا مورد للنبويين.
ويتفرع على ذلك فروع مهمة:
الفرع الأول أنه لو كان المبيع تحت يد المشتري ولم يقدر البايع على أخذه منه ولا على التصرف منه، ولكن يقبل الغاصب بيعه منه، فيجوز أن يبيعه، فلا يعتبر التسليم هنا، فإن اعتبار القدرة هنا ليس من باب الموضوعية بل من جهة الطريقية ووصول العوضين إلى المتعاملين، ومن المعلوم أن المثمن هنا تحت سلطة المشتري، فاعتبار التسليم تحصيل للحاصل لكونه موجودا عنده، فلا يشمل النبويان على ذلك.
أما دليل نفي الغرر، فمن جهة أنه ليس هنا خطر بوجه، لوجود المبيع تحت يد المشتري، فأي خطر هنا، فإنه لو كان إنما هو من جهة الجهل