وما نحن فيه من هذا القبيل، حيث إن الغاصب الأول إذا أعطى بدل التالف للمالك مع الرجوع إليه فيكون بذلك مالكا لذمة من تلف المال عنده، فيستحق بذلك الرجوع إلى اللاحق لاعتبار ملكيته في ذمته لعدم كونه لغوا.
نعم فيما كان لغوا لا يعتبر الملكية، كما إذا كان الغاصب بنفسه ممن تلف المال عنده فاعتبار الملكية له على التالف بحيث لم يبق منه شئ من الأجزاء والرضاض لغو محض.
وجه عدم رجوع اللاحق إلى السابق مع كون ذمة كلهم مشغولة بالتالف هذا كله في وجه رجوع السابق إلى اللاحق، وأما وجه عدم رجوع اللاحق إلى السابق مع كون ذمة كلهم مشغولة بالتالف.
وقد أفاد السيد (1) في وجه ذلك أن اللاحق هو السبب لضمان السابق، حيث إنه باختياره ترك الرد إلى المالك فتلف عنده فصار سبب الضمان السابق فيكون الضمان عليه وعلى السابق، ولكن مع رجوع المالك إليه لا يرجع إلى السابق، فلو كان وسطا يرجع إلى لاحقه في غير صورة الغرور.
وفيه أنه قد تقدم جوابه، من أنه مع قبول صحة استناد الضمان إلى السبب في أمثال المقام لكونه أقوى، ولم نستشكل في أقوائية مثل تلك التسبيبات، أن السبب للضمان ليس عدم رد الثاني إلى المالك، بل إنما هو الأخذ باليد العادية، فهي صارت سببا لضمان كل من السابق واللاحق، فهو أي هذا السبب مشترك بين السابق واللاحق، فلا وجه لتخصيص ذلك السبب باللاحق، والقول بأنه صار سببا للضمان كما هو