لأبي عبد الله (عليه السلام): يكون للمؤمن عشرة أقمصة؟
قال: نعم، قلت: عشرون؟ قال: نعم، قلت:
ثلاثون؟ قال: نعم، ليس هذا من السرف، إنما السرف أن تجعل ثوب صونك ثوب بذلتك " (1).
وثوب الصون، هو الثوب الذي يصان ويحتفظ به للمناسبات، وأما ثوب البذلة، فهو الذي يلبس في أوقات الخدمة والعمل، ولا يصان (2).
وبما أن جعل ثوب الصون ثوب بذلة إتلاف له، فهو إسراف حسبما تقدم: من أن الإتلاف أحد معايير الإسراف.
وإلى جميع ما ذكر يشير كلام الشهيد في الذكرى، حيث قال بعد الكلام عن لباس المصلي:
" ويلحق بذلك آداب في اللباس... يستحب اظهار النعمة ونظافة الثوب، فبئس العبد القاذورة...
ويستحب التزين للصاحب كالغريب، وإكثار الثياب وإجادتها، فلا سرف في ثلاثين قميصا، ولا في نفاسة الثوب، فقد لبس زين العابدين (عليه السلام) ثوبين للصيف بخمسمئة درهم، وأصيب الحسين (عليه السلام) وعليه الخز، ولبس الصادق (عليه السلام) الخز، وما نقل من الصحابة من ضد ذلك، للإقتار وتبعا للزمان... " (3).
وقال المحقق السبزواري - بعد أن عد من السفه صرف المال في الأطعمة النفيسة والألبسة الفاخرة والأمتعة التي لا تليق بحاله بحسب وقته وبلده وشرفه -: "... وتعدد الملبوسات وكثرتها ليس بإسراف، للأخبار المتعددة المستفيضة... " (1).
والقيد الذي ذكره السبزواري لا بد من ملاحظته في جميع الموارد، بناء على أن غير اللائق بالحال أحد المعايير لصدق الإسراف، كما تقدم عن النراقي (2)، فما تقدم: من عدم الإسراف في اللباس وإن بلغ ثلاثين ثوبا، إنما هو فيما إذا كان مناسبا لشأن الإنسان وحاله.
الإسراف في الزينة:
التزين - كما مضت الإشارة إليه في اللباس - أمر مرغوب فيه، كتابا وسنة.
أما الكتاب فلقوله تعالى: * (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين * قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة...) * (3).
وأما السنة فكثيرة، منها:
1 - ما رواه الطبرسي عن النبي (صلى الله عليه وآله): " أنه