الفرق بين قاعدة " ترك الاستفصال " والقاعدة الأخرى عن الشافعي:
وفرقوا بين القاعدتين المنقولتين عن الشافعي: بأن " قاعدة ترك الاستفصال " إنما تكون عندما يسأل النبي (صلى الله عليه وآله) أو الإمام (عليه السلام) عن حكم قضية يحتمل وقوعها على وجوه متعددة، فيرسل الحكم - في قالب اللفظ والعبارة - من غير استفصال عن أحوال وجهات القضية، فإن جوابه عندئذ يكون شاملا لتلك الوجوه، إذ لو كان مختصا ببعضها لبينه للسائل.
وأما القاعدة الثانية، فليس فيها سوى فعل النبي (صلى الله عليه وآله) أو الإمام (عليه السلام) أو فعل شخص يترتب الحكم عليه، ويحتمل وقوع ذلك الفعل على وجوه متعددة. فمجرد وقوع الفعل من النبي (صلى الله عليه وآله) أو من شخص آخر وبيان النبي (صلى الله عليه وآله) حكمه لا يدل على جواز إسراء الحكم الوارد فيه إلى جميع حالاته ووجوهه.
ومما ذكروه مثالا لهذه القاعدة:
1 - ترديد النبي (صلى الله عليه وآله) لماعز - وقد أقر بالزنا - أربع مرات في أربعة مجالس (1)، فيحتمل أن يكون قد وقع ذلك اتفاقا، لا أنه شرط، فيكفي وقوع الإقرارات الأربعة في مجلس واحد (1).
2 - حديث أبي بكرة لما ركع ومشى إلى الصف حتى دخل فيه، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): " زادك الله حرصا، ولا تعد " (2). فالمشي قد يكون قليلا، وقد يكون كثيرا. فيحتمل أن يكون أبو بكرة قد مشى قليلا، والنهي عن الإعادة كان لأجل ذلك، فلا يشمل ما لو كان كثيرا (3).
حجية القاعدتين:
أما القاعدة الأولى، وهي " ترك الاستفصال " فقد تمسك بها الفقهاء، وخاصة من زمن العلامة.
قال العلامة في مسألة من نسي الاستنجاء حتى صلى أعاد صلاته: "... وفي الصحيح عن زرارة: " قال: توضأت يوما ولم أغسل ذكري ثم صليت، فسألت أبا عبد الله (عليه السلام) فقال: اغسل ذكرك وأعد صلاتك " لا يقال: يحمل على أن الترك كان عمدا لا سهوا. لأنا نقول: ترك الاستفصال في