مسألة فقهية يعتمد على نمطين من المقدمات في استدلاله الفقهي:
أحدهما: عناصر خاصة بتلك المسألة من قبيل الرواية التي وردت في حكمها، وظهورها في إثبات الحكم المقصود، وعدم وجود معارض لها ونحو ذلك.
والآخر: عناصر مشتركة تدخل في الاستدلال على حكم تلك المسألة، وفي الاستدلال على حكم مسائل أخرى كثيرة في مختلف أبواب الفقه، من قبيل أن خبر الواحد الثقة حجة، وأن ظهور الكلام حجة.
والنمط الأول من المقدمات يستوعبه الفقيه بحثا في نفس تلك المسألة، لأن ذلك النمط من المقدمات مرتبط بها خاصة.
وأما النمط الثاني، فهو بحكم عدم اختصاصه بمسألة دون أخرى، أنيط ببحث آخر خارج نطاق البحث الفقهي في هذه المسألة أو تلك، وهذا البحث الآخر هو الذي يعبر عنه " علم الأصول "، وبقدر ما اتسع الالتفات تدريجا من خلال البحث الفقهي إلى العناصر المشتركة، اتسع علم الأصول وازداد أهمية، وبذلك صح القول: بأن دور علم الأصول بالنسبة إلى الاستدلال الفقهي يشابه دور علم المنطق بالنسبة إلى الاستدلال بوجه عام، حيث إن علم المنطق يزود الاستدلال بوجه عام بالعناصر المشتركة التي لا تختص بباب من أبواب التفكير دون باب، وعلم الأصول يزود الاستدلال الفقهي خاصة بالعناصر المشتركة التي لا تختص بباب من أبواب الفقه دون باب " (1).
تقسيم أبحاث علم الأصول:
هناك عدة وجهات نظر لتقسيم الأبحاث الأصولية، نشير إلى أهمها فيما يلي:
التقسيم الأول: وهو ما نقله الشيخ محمد رضا المظفر عن أستاذه المحقق الإصفهاني الذي ذكره في حلقة درسه، وحاصل ما أفاده هو:
أن مباحث علم الأصول تنقسم إلى أربعة أقسام:
1 - مباحث الألفاظ: وهي تبحث عن مداليل الألفاظ وظواهرها من جهة عامة نظير البحث عن ظهور صيغة " إفعل " في الوجوب، وظهور " النهي " في الحرمة، ونحو ذلك.
2 - المباحث العقلية: وهي ما تبحث عن لوازم الأحكام في أنفسها ولو لم تكن تلك الأحكام مدلولة للفظ، كالبحث عن الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع، وكالبحث عن استلزام وجوب الشئ لوجوب مقدمته، المعروف باسم البحث عن مقدمة الواجب، وكالبحث عن استلزام وجوب الشئ لحرمة ضده، المعروف باسم مسألة الضد، وكالبحث عن اجتماع الأمر والنهي المعروف بمسألة اجتماع الأمر والنهي.