والأصول العملية. فكل هذه الثلاث تحرك المكلف نحو المؤدى - مؤدى العلم أو الأمارة أو الأصل - غاية الأمر، تارة يكون التحريك نحو مؤدى الأصل والجري العملي طبقه بما أنه - أي المؤدى - هو الواقع تنزيلا أو تعبدا، وهذا ما يكون مجعولا في الأصول التنزيلية كالاستصحاب. وتارة من دون افتراض أنه الواقع، وهذا هو المجعول في الأصول غير التنزيلية.
وأما الأثر الرابع فهو يترتب تبعا على ما هو حجة، فهو غير قابل للجعل استقلالا. فكل ما كان حجة سواء كان علما أو أمارة أو أصلا، فهو يترتب عليه.
وبناء على هذا يظهر الفرق بين الأصول والأمارات، فإن تتميم الكشف في الأمارات من قبل الشارع يشمل المدلول المطابقي لها وملازماتها العقلية والشرعية، بخلاف الأصول العملية - وخاصة غير التنزيلية - فإن المجعول فيها مجرد الجري العملي وهو لا يستلزم التعبد بالجري العملي طبق اللوازم التي لم تتم أركان الأصل العملي فيها.
ولو تمت فيجري فيها مستقلا، لا باعتبار كونها لازما لمؤدى الأصل الأول (1).
مناقشة السيد الخوئي هذه التفرقة:
ناقش السيد الخوئي التفرقة بين مثبتات الأصول والأمارات، وقال:
" الصحيح عدم الفرق بين الأمارات والاستصحاب، وعدم حجية المثبتات في المقامين، فإن الظن في تشخيص القبلة وإن كان من الأمارات المعتبرة بمقتضى روايات خاصة واردة في الباب، لكنه إذا ظن المكلف بكون القبلة في جهة، وكان دخول الوقت لازما لكون القبلة في هذه الجهة - لتجاوز الشمس عن سمت الرأس على تقدير كون القبلة في هذه الجهة - فلا ينبغي الشك في عدم صحة ترتيب هذا اللازم وهو دخول الوقت، وعدم جواز الدخول في الصلاة.
نعم، تكون مثبتات الأمارة حجة في باب الأخبار فقط، لأجل قيام السيرة القطعية من العقلاء على ترتيب اللوازم على الإخبار بالملزوم ولو مع الوسائط الكثيرة، ففي مثل الإقرار والبينة وخبر العادل تترتب جميع الآثار ولو كانت بواسطة اللوازم العقلية أو العادية، وهذا مختص بباب الأخبار، وما يصدق عليه عنوان الحكاية دون غيره من الأمارات " (1).
الأصل الموضوعي (1) قد يراد بالأصل الموضوعي الأصل الجاري