الفقاع من فقع، فلا يكون فقاعا حقيقة إلا إذا نش وارتفع في رأسه الزبد. وهذا هو الصحيح، لصحيحة محمد بن أبي عمير عن مرازم، قال: " كان يعمل لأبي الحسن (عليه السلام) الفقاع في منزله، قال ابن أبي عمير: ولم يعمل فقاع يغلي " (1) حيث دلت على أن المحرم من الفقاع هو الذي يغلي وينش، وإلا لم يكن وجه لعمله في منزل أبي الحسن (عليه السلام) وتفسير ابن أبي عمير بأنه لم يعمل فقاع يغلي " (2).
وربما يظهر ذلك من جماعة، مثل: الشهيد الأول في الدروس (3)، والمحقق الأردبيلي - ونسبه إلى الشيخ في التهذيب والاستبصار (4) - والمحقق الهمداني (5).
ولذلك قال السيد الحكيم: " المحكي عن غير واحد اعتبار النشيش في التحريم والنجاسة، وفي محكي كلام بعضهم اعتبار الغليان، بل عن حاشية المدارك: صرحوا - يعني الأصحاب -: بأن الحرمة والنجاسة يدوران مع الاسم والغليان دون الإسكار " (1) ثم استشهد له بصحيحة ابن أبي عمير المتقدمة وغيرها.
لكن الذي توصلنا إليه - بحسب تتبعنا - أن أكثر الأصحاب أطلقوا الحرمة ولم يعلقوها على النشيش أو الغليان، وخاصة من تقدم على الشهيدين (2).
هل التحريم معلق على الإسكار؟
أطلق أكثر الأصحاب التحريم ولم يعلقوه على الإسكار أيضا، لكن يظهر من بعضهم تعليقه عليه، قال صاحب الجواهر: "... بل صرح غير واحد بأنه كذلك (3) وإن لم يكن مسكرا، ولعله لإطلاق النصوص المزبورة، إلا أن التدبر فيه يقتضي كونه من المسكر ولو كثيره، أما الصنف الذي لا يسكر منه فلا بأس به، للأصل وغيره... " (4).
ويمكن أن نجعل هذا الرأي في عهدة كل من اشترط النشيش والغليان في التحريم، بناء على أنهما يلازمان الإسكار غالبا، كما في سائر الأشربة، إلا أن صاحب الحدائق - وهو ممن يعتبر الغليان في التحريم - استظهر من الأخبار وكلمات الفقهاء عدم تعليق الحكم على الإسكار، ثم اختاره (5).