فحديث " إنما الأعمال بالنيات " (1) مشهور غير مستفيض، لأن الشهرة إنما طرأت له في وسطه...
وقد يطلق المشهور على ما اشتهر على الألسنة، وإن اختص بإسناد واحد، بل ما لا يوجد له إسناد أصلا " (2).
والظاهر أن الاختلاف بين الشهرة والاستفاضة إنما هو في الحديث، وأما في الفقه - حيث تكون الاستفاضة من طرق الإثبات - فلا فرق بينهما ظاهرا.
الأحكام:
حجية الاستفاضة:
أما الاستفاضة بمعناها الأصولي فحجيتها تدور مدار حجية خبر الواحد، لأن المستفيض قسم منه (3)، فإن قلنا بحجية خبر الواحد - كما هو المشهور - نقول بحجية المستفيض أيضا وإلا فلا.
وأما الاستفاضة بمعناها الفقهي فقد اختلفوا في حجيتها:
1 - فإن أفادت علما، فهي حجة قطعا، لأن العلم والقطع حجيتهما ذاتية، ولا تنحصر بمورد دون مورد.
لكن يرى بعضهم: أن مثل ذلك خارج عن حد الاستفاضة وإلا لما خصوا حجيتها بموارد معدودة كما سيأتي (1).
2 - وإن أفادت ظنا، ففيها أقوال - على ما قاله الشيخ الأنصاري -: الحجية مطلقا، وعدمها مطلقا، والتفصيل بين ما أفادت ظنا يقارب العلم، بحيث تثق النفس وتطمئن به، فتكون حجة، وبين ما لم يفد، فلا تكون حجة فيه (2).
المناط في حجية الاستفاضة:
تختلف وجهات النظر في مناط حجية الاستفاضة، فيرى بعضهم: أن المناط هو إفادتها العلم، والعلم حجيته ذاتية، وهذا يظهر من الذين اشترطوا في الاستفاضة حصول العلم.
ويرى بعضهم: أن المناط هو عسر حصول العلم أو ما يقوم مقامه شرعا كالبينة. فكل مورد يعسر فيه حصول العلم أو ما يقوم مقامه شرعا يثبت بالاستفاضة، مثل: النسب، والملك المطلق، والوقف، والنكاح، لأن الشهود قد يموتون أو