مضرة بالحال، قال بعض الفقهاء: يتخير بين أكل طعام الغير وأكل الميتة. فمثلا:
قال العلامة: " ولو اضطر إلى الميتة وطعام الغير، فإن بذله ولو بثمن مقدور عليه تعين، وإلا تخير " (1).
وقال الأردبيلي معلقا عليه: " وإن لم يبذل بثمن مقدور - سواء بذل ولم يكن مقدورا أو لم يبذل - تخير المضطر بين قتاله وأخذه بالقهر والغلبة، أو الحيلة والسرقة على ما قلناه، وبين أكل الميتة " (2).
لكن تأمل في التخيير بعد ذلك.
وقال النراقي: " لو وجد المضطر مال الغير والميتة... تعين أكل مال الغير، لعدم الاضطرار ولو زاد الثمن عن ثمن المثل إلا إذا كان بقدر يضر بحاله، فلا يتعين، لأدلة نفي الضرر " (3).
وقال الشهيد الثاني: " وإن كان بذله بزيادة كثيرة، ففي تقديمه على الميتة مع القدرة عليه أوجه، أحدها أنه لا يلزمه لكن يستحب " (4).
وعلق عليه صاحب الجواهر بقوله:
" ولا بأس به مع الإضرار بالحال، أما مع عدمه، فالمتجه تقديمه عليها، لعدم صدق الاضطرار " (5).
وقال الإصفهاني: " فإن تضرر ببذلها بما لا يتحمل عادة حل له الميتة وإلا ففيه وجهان " (1).
2 - إذا كان المالك غائبا:
إذا دار الأمر بين أكل الميتة وأكل مال الغير إذا كان غائبا، ففي تقديم أحدهما على الآخر أو التخيير وجوه، بل أقوال:
الأول - تقديم مال الغير على الميتة، لأن المضطر قادر على غير الميتة، وهو طعام الغير بثمن مثله. فليس مضطرا إلى الميتة بالذات.
ذهب إلى هذا الرأي الشيخ الطوسي (2).
الثاني - تقديم الميتة على مال الغير، وعلله في المسالك: " بأن الميتة محرمة لحق الله تعالى، وحقوق الله مبنية على المساهلة، ولأن إباحة الميتة للمضطر منصوص عليها، وجواز الأكل من مال الغير بغير إذنه يؤخذ من الاجتهاد، ولأن الميتة يتعلق بها حق واحد لله تعالى، ومال الغير يتعلق به الحقان، واشتغال ذمته " (3).
اختار هذا القول المحقق (4) - وإن كان يظهر منه التردد فيه - والعلامة (5)، وصاحب الجواهر (6)،