على التخليل، وعلى التعليل بكونه أبعد من الإسراف، ويحتمل أن يكونوا قد نبهوا على مجرد التخليل، ولم يتعرضوا للتعليل بالإسراف.
وقال الشهيد في الذكرى أيضا - عند الكلام عن استحباب الغسل بصاع من الماء -: " والشيخ وجماعة ذكروا استحباب صاع فما زاد. والظاهر أنه مقيد بعدم أدائه إلى السرف المنهي عنه " (1).
ويبدو أن من قال باستحباب الغسل بالصاع فما فوق ولم يحدده بالصاع قيده بعدم أدائه إلى الإسراف (2).
ويظهر من بعضهم: أن نهاية الاستحباب هو الغسل بالصاع (3).
الإسراف في الطعام والشراب:
لا يستغني الإنسان عن الطعام والشراب، لأن بهما قوامه، قال تعالى: * (وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام) * (4).
ولذلك أحل الله الطعام والشراب للإنسان ما لم يتجاوز أحد أمرين:
الأول - ما نهت الشريعة عن أكله أو شربه بالخصوص، كما ورد في قوله تعالى: * (إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله...) * (1) ونحوها من الآيات والروايات.
الثاني - ما استلزم أكله أو شربه محرما آخر، كغصب مال الغير، أو ظلم مؤمن، أو معونة ظالم، ونحو ذلك.
ومن هذا القسم الإسراف، ولذلك حدد تعالى إباحة الأكل والشرب بعدم الإسراف، فقال:
* (كلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) * (2).
وروي في سبب نزول الآية: أن أناسا - في الجاهلية - كانوا لا يأكلون إلا قوتا ولا يأكلون دسما، يريدون بذلك تعظيم حجهم، فهم المسلمون بأن يفعلوا ذلك أيضا، فقالوا: يا رسول الله نحن أحق بذلك، فنزلت الآية (3).
وقال الشيخ الطوسي: " وقوله: * (وكلوا واشربوا) * صورته صورة الأمر، ومعناه إباحة الأكل والشرب.
وقوله: * (ولا تسرفوا) * نهي لهم عن الإسراف، وهو الخروج عن حد الاستواء في زيادة المقدار.
وقيل: المراد الخروج عن الحلال إلى الحرام.