صحة معاملات المضطر:
فرق الفقهاء في المعاملات بين المكره والمضطر الذي نشأ اضطراره من الضرورة والحاجة الشديدة، فحكموا ببطلان معاملات المكره دون المضطر، ولذلك فهم حينما اشترطوا الاختيار في العقود والإيقاعات أخرجوا به " المكره " فقط فحكموا ببطلان عقوده وإيقاعاته ولم يذكروا المضطر (1)، وذلك واضح، لأن في إبطال معاملات المكره منة عليه، بخلاف المضطر الذي اضطر لبيع داره للمعالجة مثلا، فإن في إبطال بيعه ضررا عليه، وهو خلاف الامتنان، بينما ورد حديث الرفع ونحوه مورد الامتنان على الأمة، ولذلك لا يجري في مورد يكون جريانه فيه خلافا للامتنان، كما في المضطر إلى بيع داره، نعم يجري في المضطر إلى أكل مال الغير لإنقاذ نفسه من الهلاك كما سيأتي بيانه.
وبهذا الصدد قال السيد الخوئي: " لا شبهة في عدم ثبوت أحكام المكره، على المضطر في باب المعاملات، ووجه ذلك: أن حديث الرفع إنما ورد في مقام الامتنان على الأمة، وعلى هذا فلو اضطر أحد إلى بيع أمواله لأداء دينه أو لمعالجة مريضه أو لغيرهما من حاجاته، فإن الحكم بفساد البيع حينئذ مناف للامتنان، وأما الإكراه فليس كذلك " (1).
حكم الاضطرار بمعنى الضرورة تفصيلا:
الذي يضطر إليه الإنسان، إما أن يكون أكلا، أو غيره.
وفيما يلي نبحث عن كل واحد من هذين الموردين:
الأول - الاضطرار إلى أكل الحرام أو شربه من أظهر مصاديق الاضطرار وأهمها الاضطرار إلى أكل الحرام أو شربه، سواء كان سبب الحرمة هو كون الشئ من الأعيان النجسة أو المتنجسة، أو كونه مال الغير.
فلو اضطر الإنسان إلى أكل الحرام، مهما كان سببه، ارتفعت الحرمة وأبيح له ذلك.
استثناء الباغي والعادي والمتجانف للإثم:
استثنت بعض الآيات (2) الدالة على الإباحة