" اشتغال الذمة بالتكليف يقينا يستدعي فراغها من التكليف يقينا أيضا "، وقد تلخص فيقال:
" الاشتغال اليقيني يستدعي البراءة اليقينية "، أي براءة الذمة من التكليف.
والمراد منها: أنه إذا علم المكلف بالتكليف، فإن ذمته تبقى مشغولة بذلك التكليف حتى يفرغها ويبرئها منه بامتثاله.
مستند القاعدة:
يدل على القاعدة حكم العقل بلزوم فراغ الذمة من التكليف الإلزامي، ولذلك أطبق العقلاء على قاعدة الاشتغال (1)، وأرسلها الفقهاء والأصوليون إرسال المسلمات، فقالوا: " الاشتغال اليقيني يستدعي البراءة اليقينية " (2) أو ما شابه ذلك من العبارات.
شمول القاعدة للعلم الإجمالي:
لا تختص القاعدة بالعلم التفصيلي، بل تشمل العلم الإجمالي أيضا، لأنه لا فرق بين العلم التفصيلي والعلم الإجمالي من حيث تنجيز التكليف (3)، فلو علم المكلف إجمالا بوجوب الظهر عليه أو الجمعة، فهذا العلم الإجمالي يوجب اشتغال ذمته بالتكليف المردد بين الظهر والجمعة، فلا بد من إفراغ ذمته منه، وهو لا يحصل إلا بإتيانهما.
وعدت من هذا القبيل الشبهات البدوية قبل الفحص، ولذلك منعوا من جريان البراءة فيها لهذا الدليل ولغيره.
ووجهه: أن المكلف يعلم بوجود تكاليف شرعية متوجهة إليه إجمالا، وهذا العلم الإجمالي بالتكليف يستدعي البراءة اليقينية، وهي لا تحصل إلا بعد الفحص في التكاليف وإفراز ما علم منها عما يبقى مشكوكا، حتى يصح إجراء البراءة في المشكوك (1).
راجع: احتياط، شبهة.
تطبيقات القاعدة:
نذكر فيما يلي - تبيينا للقاعدة - بعض النماذج من تطبيقاتها التي ذكرها الفقهاء:
1 - قال الشيخ الطوسي في الخلاف: " إذا غصب طعاما، فأطعم مالكه فأكله مع الجهل بأنه ملكه، فإنه لا تبرأ ذمة الغاصب بذلك...
دليلنا: أنه ثبت اشتغال ذمته بالغصب، فمن ادعى براءتها بعد ذلك فعليه الدلالة، وليس ها هنا دليل على أنه إذا أطعمه برئت ذمته " (2).