الأول - إطلاقه بمعناه اللغوي، وهو إهلاك الشئ وإنفاده. وهذا الإطلاق كثير في كلمات المتقدمين (1).
الثاني - إطلاقه بمعنى الاستحالة، وهي تبدل الصورة النوعية للجسم، كتبدل الخشب إلى رماد.
وإطلاق الاستهلاك بهذا المعنى قليل.
قال صاحب الجواهر بالنسبة إلى ما يشك في حرمته من جهة الاستخباث مع فرض استهلاكه في غيره خصوصا إذا كان من الحيوان: "... فإنه حينئذ يكون من الميتة المحرمة نصا وإجماعا على وجه لا يرتفع بالاستهلاك الذي مرجعه إلى عدم التمييز لا إلى الاستحالة " (2). وفيه إشارة إلى المعنى الثالث الآتي.
وقال المحقق الهمداني عند الكلام في جواز استعمال الماء المستعمل: " وليس العبرة هنا الاستهلاك المرادف للاستحالة... " (3).
الثالث - إطلاقه بمعنى تفرق أجزاء المستهلك في المستهلك فيه، كتفرق أجزاء الدم أو البول في الماء.
وهذا على نحوين:
1 - تارة تكون أجزاء المستهلك قابلة للحس، كتفرق أجزاء الذهب أو الفضة في التراب - كما في تراب الصاغة - بحيث لا يصدق عليه التراب الخالص، كما لا يطلق عليه الذهب أو الفضة أيضا، وكتفرق عظام الموتى في التراب، بحيث يمنع عن صدق التراب الخالص على ذلك عرفا.
وإطلاق الاستهلاك بهذا المعنى قليل أيضا.
2 - وتارة تكون أجزاء المستهلك غير قابلة للحس والتمييز، وهذا أيضا:
أ - إما لقلة المستهلك وكثرة المستهلك فيه، كاستهلاك قطرة من الدم في ماء كثير.
وأكثر ما يراد من الاستهلاك - خاصة عند المتأخرين - هذا المعنى.
ب - وإما لتجانس المستهلك والمستهلك فيه، كقطرة من الماء في إناء من الماء أيضا.
ويبدو أنهم استشكلوا في صدق عنوان " الاستهلاك " على هذا النوع، وإن كان يشبهه من حيث الحكم أحيانا. قال السيد الحكيم في بحث تأثير رطوبة الماسح في الممسوح وعدم وجود رطوبة أخرى عليه: "... إلا أن يكون المراد صورة استهلاك رطوبة الممسوح، بحيث لا يكون المسح إلا ببلل الوضوء، وإن كان فرض الاستهلاك مع اتحاد الجنس لا يخلو من إشكال " (1).
وقال السيد الخوئي في موضوع جواز استعمال الماء المستعمل في الغسل، وبيان حكم ما لو