فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون) * (1).
وعن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) والاستغفار لكم حصنين حصينين من العذاب، فمضى أكبر الحصنين وبقي الاستغفار، فأكثروا منه، فإنه ممحاة للذنوب... " (2) ثم تلا الآية المتقدمة.
وعنه عن علي (عليهما السلام)، قال: " كان في الأرض أمانان من عذاب الله سبحانه، وقد رفع أحدهما، فدونكم الآخر فتمسكوا به، أما الأمان الذي رفع فهو رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأما الأمان الباقي فالاستغفار، قال الله عز من قائل: * (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون) * " (3).
آداب الاستغفار:
وردت في بعض النصوص أمور تلزم مراعاة بعضها في الاستغفار، وتحسن مراعاة بعضها الآخر، وقد جمعت في كلام أمير المؤمنين (عليه السلام)، حيث قال:
"... الاستغفار درجة العليين، وهو اسم واقع على ستة معان: أولها: الندم على ما مضى، والثاني:
العزم على ترك العود إليه أبدا، والثالث: أن تؤدي إلى المخلوقين حقوقهم حتى تلقى الله أملس ليس عليك تبعة، والرابع: أن تعمد إلى كل فريضة عليك ضيعتها فتؤدي حقها، والخامس: أن تعمد إلى اللحم الذي نبت على السحت فتذيبه بالأحزان، حتى تلصق الجلد بالعظم، وينشأ بينهما لحم جديد، والسادس: أن تذيق الجسم ألم الطاعة، كما أذقته حلاوة المعصية، فعند ذلك تقول: أستغفر الله " (1).
أما الأولان، فلأن المستغفر لو لم يندم على ما صدر منه، ولم يعزم على ترك العود إليه، فهو كالمستهزئ بالله، فقد ورد: " المستغفر من ذنب ويفعله كالمستهزئ بربه " (2).
وقد تقدم ما يرتبط بالموضوع في بيان المعنى الاصطلاحي للاستغفار.
وأما الثالث، فلأن الذنب لو كان سببه انتهاك حقوق المخلوقين فيبقى ما دام الحق منتهكا، ولا أثر للاستغفار من دون أداء الحق.
وأما الرابع، فلأن الذنب لو كان لأجل تفويت فريضة، وكانت مما يجب قضاؤه، كالصلاة والصوم ونحوهما، فيجب قضاؤها. وإن لم يجب قضاؤها وكان القضاء مندوبا فيندب القضاء، وإن لم