التأمل في هذه الأدلة:
تأمل بعض الفقهاء والأصوليين في هذه الأدلة. قال الوحيد البهبهاني: "... وربما مال آخر إلى أن الأصل الاشتراك إلا أن يثبت الاختصاص، وربما كان بناؤه على أن الإجماع وقع كذلك، أو أن من الاستقراء وتتبع تضاعيف الأحكام يظهر ذلك، أو مما روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: " حكمي على الواحد حكمي على الجماعة "، لكن ثبوت هذه الأمور يحتاج إلى التأمل " (1).
ما يشترط في القاعدة:
يشترط في القاعدة:
1 - قابلية توجه الحكم إلى جميع من يراد اشتراكهم في الحكم: فإذا لم يكن بعض المكلفين قابلا لتوجه ذلك الحكم إليه، فلا يمكن إثباته في حقه بقاعدة الاشتراك.
ففي قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق...) * (2) يكون الحكم - وهو وجوب الوضوء - قابلا لأن يتوجه إلى جميع المكلفين ذكورا وإناثا وفي جميع الأزمنة، ولذلك لو شككنا في توجهه إلى الخنثى أثبتناه بقاعدة الاشتراك.
ومن هذا القبيل آيات كثيرة مثل: * (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام) * (1)، و * (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) * (2)، و * (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول) * (3).
وأما لو قال: * (يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار) * (4) فلا يمكن تعميم الحكم للنساء، لعدم وجوب اشتراكهن في الجهاد (5).
2 - اتحاد العنوان بين من ثبت فيه الحكم وبين من يراد إثباته فيه:
فالعنوان الذي ترتب عليه الحكم في الآيات السابقة - غير آية الزحف - هو جنس من آمن، وهو مشترك بين الرجل والمرأة إذا أحرزنا عدم مدخلية لعنوان الرجل والمرأة في الحكم.
وأما إذا اختلف العنوان، كما إذا كان العنوان " الرجل " وأحرزنا - أو احتملنا - تأثير الرجولية في الحكم، فلا يشمل المرأة، وذلك كما في قوله تعالى: * (الرجال قوامون على النساء) * (6)، وقوله تعالى: * (واستشهدوا شهيدين من رجالكم) * (7) ففي