استقبال لغة:
من استقبل الشئ، أي: جعله تلقاء وجهه (1)، أو حاذاه بوجهه (2). قال ابن فارس:
" القاف والباء واللام أصل واحد صحيح، تدل كلمه على مواجهة الشئ للشئ... " (3).
اصطلاحا:
لكلمة " الاستقبال " عدة إطلاقات في الفقه، لعل جميعها يرجع إلى معنى المواجهة، مثل:
1 - استقبال القبلة، أي جعل نفسه مواجها للقبلة (الكعبة)، كما في الصلاة ونحوها.
2 - استقبال الشمس والقمر، أي مواجهتهما بعورته عند التخلي، وهو مكروه، كما سيتضح في محله.
3 - استقبال الحيض، أي مواجهة الحيض بالدخول فيه - أي أوائله - ويتكلم عنه في موضوع جماع الحائض وثبوت الكفارة فيه.
4 - استقبال الشهر أو السنة، أي مواجهة السنة الجديدة أو الشهر الجديد، بمعنى الدخول فيه.
ويرد ذلك في الصوم والزكاة والحج.
5 - استقبال الصلاة، أي مواجهتها بإعادتها من جديد. ويرد ذلك في أحكام الخلل في الصلاة.
6 - وموارد أخرى مشابهة يعثر عليها المتتبع في كتب الفقه.
الأحكام:
الكلام عن أحكام هذه الموارد كلها سوف يكون في مواطنها المناسبة إن شاء الله تعالى، لكن لما كان الاستقبال بمعنى جعل القبلة تلقاء الوجه أكثرها أهمية بحيث صار " الاستقبال " كالعلم فيه تقريبا، فلذلك أفردنا البحث عنه هنا بالمقدار الذي يناسب الاستقبال نفسه - أي عملية مواجهة القبلة - وأما ما يرتبط بالقبلة نفسها مثل بيان حقيقتها هل هي الكعبة لمن في المسجد، ثم المسجد لمن كان خارجا عنه، ثم الحرم للخارج عنه، أم هي الكعبة للقريب، وجهتها للبعيد؟ وما هو معنى الجهة؟
وكيف يمكن معرفة القبلة؟ وما هو حكم غير المتمكن من معرفتها؟ ونحو ذلك، فيأتي البحث عنه في عنوان " قبلة " إن شاء الله تعالى.
وبناء على ذلك يقتصر بحثنا هنا على حكم الاستقبال إجمالا، فنقول:
إن حكم الاستقبال يختلف باختلاف ما يستقبل لأجله، فتارة يكون واجبا، وأخرى يكون محرما، وثالثة مستحبا، ورابعة مكروها. ولم يذكروا