التوبة عن المعصية السابقة... ". إلى أن قال بعد البحث عن ذلك: " فالحاصل: أن الإصرار يصدق بالعزم على العود إلى مطلق المعصية إذا كان العزم مستمرا من زمان الفعل السابق. وإذا حدث بعد الفعل اعتبر اتحاد المعصية.
وقد لا يصدق إلا بالفعل، وهو ما إذا تحقق الإكثار على وجه يوجب الصدق عرفا...
وأما العزم المجرد، فالظاهر عدم تحقق الإصرار بمجرده وإن أصر عليه، لأن هذا إصرار على العزم، لا على المعصية، إلا إذا قلنا: إن العزم على المعصية معصية، وللكلام فيه محل آخر " (1).
12 - وقال السيد الحكيم: " والظاهر من الإصرار - لغة وعرفا -: المداومة والإقامة، فلا يكفي في تحققه العزم على الفعل ثانيا، فضلا عن مجرد ترك الاستغفار. وما في القاموس: من أنه العزم، مبني على المسامحة، وإلا فلا يظن من أحد الالتزام بتحققه بمجرد العزم من دون فعل معصية أصلا، لا أولا ولا آخرا. وقولهم - في بعض الاستعمالات -: " أصر فلان على كذا " إذا عزم، يراد منه: إما الإصرار على العزم عليه، لا عليه نفسه، أو أنه مجاز... " (2).
وعلى جميع التفاسير لا يتحقق الإصرار مع الاستغفار والتوبة، وإليه يشير قوله (عليه السلام): " ما أصر من استغفر " (1)، وقوله (عليه السلام): " الإصرار أن يذنب الذنب فلا يستغفر الله " (2)، بل التوبة تمحو الكبائر فضلا عن الصغائر، وإليه يشير الحديث المعروف:
" لا صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة مع الاستغفار " (3)، ولذلك جعلت التوبة من جنود العقل، والإصرار من جنود الجهل، عند بيان جنودهما (4).
الأحكام:
تترتب على الإصرار على المعصية - صغيرة كانت أو كبيرة - أحكام نشير إليها فيما يلي إجمالا:
الإصرار على الصغائر مخل بالعدالة:
لا إشكال في أن الإصرار على الصغائر كبيرة، وقد ادعي عليه الإجماع (5). واستدلوا عليه