في الآيات والأخبار على الإنابة، أعني التوجه إلى الله بعد طلب العفو عما سلف، وهذا متأخر من التوجه إليه لطلب العفو، الذي هو متأخر عن الندم، الذي هو توجه أيضا إلى الله، لكونه رجوعا من طريق البطلان، وعودة إلى سلوك الطريق المستقيم الموصل إلى جناب الحق، فهي كلها توجهات وإقبالات إلى الحق يمكن إطلاق " التوبة " التي هي لغة " الرجوع " على كل منها.
وقد يطلق على المجموع اسم " الاستغفار " كما في الخبر المروي في نهج البلاغة في تفسير الاستغفار... " (1).
وسنذكر هذا الخبر في آداب الاستغفار، وسوف نبحث عن التوبة وحقيقتها وما يستتبعها في عنوان " توبة " إن شاء الله تعالى.
الأحكام:
قبل بيان أحكام الاستغفار نشير إلى بعض ما يرتبط به بصورة عامة:
حكمة تشريع الاستغفار:
بنيت الشريعة على أسس وقواعد قويمة، منها قواعد نفسية، مثل: الحب والبغض والخوف والرجاء.
وللأخير دور مهم في إبقاء الحيوية المعنوية في الفرد المسلم، فالشريعة لم تقطع رجاءه على أثر ارتكابه بعض الذنوب، بل فتحت مصراعيها للمذنبين ليعودوا، وجعلت لذلك طرقا، منها:
الشفاعة والتوبة والاستغفار. قال تعالى:
* (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما) * (1).
وقال تعالى أيضا: * (والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون * أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين) * (2).
وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " العبد المؤمن إذا أذنب ذنبا أجله الله سبع ساعات، فإن استغفر الله لم يكتب عليه شئ، وإن مضت الساعات ولم يستغفر كتبت عليه سيئة، وإن المؤمن ليذكر ذنبه بعد عشرين سنة حتى يستغفر ربه فيغفر له، وإن الكافر لينساه من ساعته " (3).
الترغيب في الاستغفار:
رغبت الشريعة المؤمنين في الاستغفار،