يناسب الحال، وبين الإسراف والتبذير، فإن الأول لا بأس به، بل قد يكون ممدوحا في ظروف خاصة - كإطعام المؤمنين - فقد روى شهاب بن عبد ربه قال: " قال أبو عبد الله (عليه السلام): أعمل طعاما وتنوق فيه وادع عليه أصحابك " (1).
وعن أبي حمزة، قال: " كنا عند أبي عبد الله (عليه السلام) جماعة، فدعا بطعام ما لنا عهد بمثله لذاذة وطيبا، وأوتينا بتمر ننظر فيه إلى وجوهنا من صفائه وحسنه، فقال رجل: لتسألن عن هذا النعيم (2) الذي نعمتم به عند ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): إن الله عز وجل أكرم وأجل من أن يطعمكم طعاما فيسوغكموه ثم يسألكم عنه، ولكن يسألكم عما أنعم عليكم بمحمد وآل محمد صلى الله عليه وعليهم " (3).
وعن أبي خالد الكابلي قال: " دخلت على أبي جعفر (عليه السلام) فدعا بالغداء، فأكلت معه طعاما ما أكلت طعاما قط أنظف منه، ولا أطيب... " (4).
وهي قريبة من الرواية المتقدمة من حيث المضمون.
ويظهر من بعض الروايات أنهم ربما أطعموا غيرهم الطعام المنوق واقتصروا فيه لأنفسهم على مثل الزيت والخل. فقد روى أبو حمزة الثمالي، قال:
" لما دخلت على علي بن الحسين (عليه السلام) دعا بنمرقة (1)، فطرحت، فقعدت عليها، ثم أتيت بمائدة لم أر مثلها قط، فقال لي: كل، فقلت: ما لك لا تأكل؟ فقال: إني صائم، فلما كان الليل أتي بخل وزيت، فأفطر عليه، ولم يؤت بشئ من الطعام الذي قرب إلي " (2).
وعن بزيع بن عمرو بن بزيع، قال: " دخلت على أبي جعفر (عليه السلام) وهو يأكل خلا وزيتا في قصعة سوداء، مكتوب في وسطها بصفرة * (قل هو الله أحد) *، فقال: ادن يا بزيع، فدنوت فأكلت معه... " (3).
وعن عبد الأعلى، قال: " أكلت مع أبي عبد الله (عليه السلام) فأتي بدجاجة محشوة وبخبيص، فقال: هذه أهديت لفاطمة، ثم قال: يا جارية آتينا بطعامنا المعروف، فجاءت بثريد خل وزيت " (4).