والمتحصل من مجموع الروايات: أن الإسراف في الطعام والشراب مذموم وربما يصل في بعض مراتبه إلى الحرمة، وأما التنوق في الغذاء وتطييبه بما يناسب الحال - زمانا ومكانا - لا يكون إسرافا وخاصة إذا كان في إطعام المؤمنين.
وعلى هذا المعنى يحمل ما ورد: من أنه " ليس في الطعام سرف " (1).
ويشهد لذلك أمران:
الأول - ما فهمه المحقق النراقي من الرواية:
من أن التجاوز عن الحد فيه، في الجملة، معفو عنه، وقد علل: بأنه لا يضيع، بل يأكله الآكلون (2).
الثاني - أن الراوي لهذه الرواية هو شهاب بن عبد ربه وقد تقدم (3): أنه أمره الإمام الصادق (عليه السلام) أن يدعو أصحابه ويتنوق لهم في الطعام، والظاهر اتحاد الروايتين، لاتحاد سندهما أيضا.
الإسراف في اللباس:
المعروف من سيرة أئمة أهل البيت (عليهم السلام) أنهم كانوا يلبسون النظيف والنقي من الثياب، ويتجملون بالمعروف، والروايات في ذلك كثيرة:
1 - فعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من اتخذ ثوبا فلينظفه " (1).
2 - وعنه (عليه السلام) قال: " قال أمير المؤمنين (عليه السلام): النظيف من الثياب يذهب الهم والحزن، وهو طهور للصلاة " (2).
3 - وعنه (عليه السلام)، قال: " الثوب النقي يكبت العدو " (3).
4 - وعن علي بن محمد الهادي عن آبائه عن الصادق (عليهم السلام) قال: " إن الله يحب الجمال والتجمل، ويكره البؤس والتباؤس، فإن الله إذا أنعم على عبد نعمة أحب أن يرى عليه أثرها. قيل:
كيف ذلك؟ قال: ينظف ثوبه، ويطيب ريحه، ويجصص داره، ويكنس أفنيته، حتى إن السراج قبل مغيب الشمس ينفي الفقر، ويزيد في الرزق " (4).
5 - وعن الرضا (عليه السلام)، قال: " إن علي بن الحسين (عليه السلام) كان يلبس الجبة الخز بخمسمئة درهم، والمطرف الخز بخمسين دينارا، فيشتو فيه، فإذا خرج الشتاء باعه فتصدق بثمنه، وتلا هذه الآية:
* (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات