ولو سكنت في منزلها - سواء كان ملكا لها أو كانت مستأجرة أو مستعيرة له - فإما أن يكون ذلك برضا الزوج أو بغير رضاه مع بذله للمسكن.
فإذا كان بغير رضاه مع بذله للمسكن فلا تستحق أجرة السكنى، لأن اختيار المسكن - مع تحقق شرائطه اللازمة - من اختيارات الزوج لا الزوجة.
وإذا كان برضا الزوج، فإما أن تكون متبرعة أو لا:
فإن كانت متبرعة، فلا تستحق أجرة.
وإن لم تكن متبرعة، فالظاهر من كلمات من تعرض للموضوع أن لها أجرة السكنى.
وإنما الخلاف فيما إذا لم تصرح بالتبرع، فيرى بعضهم أنها لا تستحق أجرة، لأن:
1 - فعلها ظاهر في التبرع.
2 - وأن بسكناها في منزلها وعدم المطالبة للأجرة مع تمكنها منها، تكون قاضية لدينه بغير إذنه ولا إذن شرعي.
لكن يرى بعض آخر استحقاقها للأجرة، لعدم تمامية الوجهين المذكورين، فإن مجرد السكوت لا يدل على التبرع، كما أن مجرد عدم المطالبة مع تمكنها منها لا يدل على قضائها لدينه بغير إذنه، بل إن ذمة الزوج لما كانت مشغولة بوجوب الإنفاق على الزوجة، فلا بد من اليقين بالبراءة، ولا يحصل إلا بإسقاط الزوجة حقها، أو قصدها التبرع والعلم بذلك، أو دفع الزوج أجرة السكنى، ولما لم يحصل الأولان، فوجب الثالث.
وممن قال بالأول: المحقق (1) والعلامة (2)، والفاضل الإصفهاني (3).
وممن قال بالثاني: فخر المحققين (4)، والشهيد الثاني (5)، وصاحب الجواهر (6).
2 - إسكان المطلقة:
والمطلقة رجعيا بحكم الزوجة أيام عدتها، لها حق السكنى ولا يجوز إخراجها، لقوله تعالى:
* (يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة) * (7).
والحكم إجماعي كما قيل (8).
أما البائن فلا سكنى لها إلا أن تكون حاملا، فلها السكنى حتى تضع، لقوله تعالى: * (وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن) * (9)