وأجيب عن الاستدلال بهذه الآية أيضا بما تقدم، فإن الدعاء هنا بمعنى العبادة، والمستغيث لا يعبد المستغاث به (1).
3 - وما رواه الطبراني عن عبادة بن الصامت: أنه قال أبو بكر: " قوموا بنا نستغيث برسول الله (صلى الله عليه وآله) من هذا المنافق، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنه لا يستغاث بي وإنما يستغاث بالله تعالى " (2).
وأجيب عنه:
أولا - أن المراد من الرواية - على فرض قبولها - هو: أن النبي (صلى الله عليه وآله) أراد أن ينبههم على أن المستغاث به الواقعي هو الله تعالى، فيكون مثل قوله تعالى: * (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) * (3)، فلا يعارض ذلك ما دل على جواز الاستغاثة ووقوعها (4).
ثانيا - أن الذي يمنعه مانعو الاستغاثة هو الاستغاثة بالحي في ما لا يقدر عليه، ودفع شر المنافق كان مقدورا للنبي (صلى الله عليه وآله) كما دفع شر من هو أعظم منه بقدرة الله تعالى (1).
ثالثا - لو كان شركا لنبه النبي (صلى الله عليه وآله) أبا بكر عليه وأمره بالتوبة، ونهاه عن إعادته (2).
رابعا - كل ذلك مع فرض صحة سند الرواية، لكن لم تثبت، بل الثابت عدمها، لأن في السند " ابن لهيعة " وقد ضعفوه (3).
خامسا - جاء كلام النبي (صلى الله عليه وآله) في مسند أحمد بلفظ آخر، وهو: " لا يقام لي، إنما يقام لله تبارك وتعالى " (4) وهو لا ربط له بموضوع الاستغاثة.
جواز الاستغاثة في حياة المستغاث به وبعد مماته:
لا فرق في جواز الاستغاثة بين حياة المستغاث به ومماته، لكن فرق ابن تيمية والسائرون على نهجه في ذلك، فمنعوا الاستغاثة بالنبي (صلى الله عليه وآله) بعد مماته، متمسكين بقوله تعالى: * (وما أنت بمسمع من في القبور) * (5) وقوله تعالى: * (إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء) * (6).