إباحة جميع المحرمات لإنقاذ النفس من الهلاك:
قال النراقي: " ظاهر الآيات المبيحة للمحرمات للمضطر وأكثر رواياتها وإن اختص بإباحة أكل ما حرم أكله للمضطر، إلا أن مقتضى عموم تفسير الإمام المتقدم (1) وأدلة نفي العسر والحرج والضرر: إباحة كل محرم للمضطر في الأكل والشرب من غير اختصاص بإباحة ما يحرم أكله وشربه، ولذا أبيح مال الغير، مع أن التصرف فيه والأخذ منه وإجباره محرم أيضا.
وعلى هذا، فتباح بالاضطرار إلى الأكل والشرب الأفعال المحرمة لو توقف عليها، كما لو وجدت امرأة دفع اضطرارها بالتمكين من بضعها، أو شرب خمر، أو ترك صلاة، بأن لا يبذل المالك قدر الضرورة إلا بأحد هذه الأفعال، فتباح هذه الأفعال، لمعارضة أدلة حرمتها مع أدلة المضطر، فيرجع إلى الأصل.
وهل يجب ارتكاب المحرم حينئذ؟
فيه نظر، إذ لا دليل عليه، إلا إذا أدى الاضطرار إلى هلاك النفس، فإن الظاهر انعقاد الإجماع على تقدم حفظه على سائر الواجبات " (1).
ومن هذا القبيل جواز - أو وجوب - شرب الصائم الماء إذا خاف على نفسه من الهلاك، ولذلك قال السيد اليزدي: " إذا غلب على الصائم العطش بحيث خاف من الهلاك، يجوز له أن يشرب الماء مقتصرا على مقدار الضرورة " وعلق عليه السيد الخوئي بقوله: " لا إشكال في جواز الشرب حينئذ بمقتضى القاعدة حفظا من التهلكة من غير حاجة إلى نص خاص، إذ ما من شئ حرمه الله إلا وأحله عند الضرورة... " (2).
الثاني - الاضطرار إلى غير الأكل الاضطرار إلى غير الأكل يشمل الاضطرار إلى إتلاف النفس، والاضطرار إلى التصرف في مال الغير سواء استلزم إتلافا أو لا، والاضطرار إلى النظر الحرام، واللمس الحرام، والسماع الحرام، ونحو ذلك، نشير إليها إجمالا فيما يلي:
الاضطرار إلى إتلاف النفس:
لا يجوز إتلاف النفس المحترمة لرفع الاضطرار عن النفس، فقد ورد مثلا: " التقية في كل شئ يضطر إليه ابن آدم، فقد أحله الله له " (3)، لكن