ولما كانت هذه الأبحاث طويلة وأغلبها غير مجد لم نستعرضها، بل اكتفينا بالإشارة الإجمالية إليها، فنقول:
جعل المتقدمون موضوع علم الأصول - بناء على لزوم الموضوع لكل علم - الأدلة الأربعة، وهي: الكتاب، والسنة، والإجماع، والعقل، من حيث هي هي، أو من حيث كونها دليلا.
لكن أشكل عليهم المتأخرون:
أولا - بعدم الدليل على لزوم وجود موضوع في كل علم، بل يمكن أن يشار إليه بعنوان كلي منتزع من موضوعات مسائله.
ثانيا - وعلى فرض لزوم وجود الموضوع، لا يصح جعل موضوع علم الأصول الأدلة الأربعة، وذلك لخروج كثير من المسائل المطروحة فعلا في علم الأصول عنه، مثل الكلام عن حجية خبر الواحد - لأن البحث عنه ليس بحثا عن السنة، لأن السنة هي قول المعصوم أو فعله أو تقريره - ومسألة التعادل والتراجيح، ومقدمة الواجب واجتماع الأمر والنهي، أو المباحث المتعلقة بمعاني الأمر والنهي ونحو ذلك.
وسبب خروجها أنه يلزم أن تكون أغلب هذه الأمور من المبادي التصديقية لعلم الأصول التي ينبغي البحث عنها قبل الدخول في علم الأصول.
ثالثا - يكفي فرض عنوان كلي مشير إلى عناوين موضوعات المسائل لعلم الأصول وجعله موضوعا لعلم الأصول بحيث تندرج فيه جميع المسائل المبحوث عنها في علم الأصول فعلا (1)، مثل عنوان:
1 - " كل ما كان عوارضه واقعة في طريق استنباط الحكم الشرعي أو ما ينتهي إليه العمل ".
بناء على أن يراد بالحكم الحكم الواقعي، وإن أريد منه الأعم فلا حاجة إلى إضافة قيد " أو ما ينتهي إليه العمل ".
هذا ما قاله المحقق النائيني (2).
2 - " الجامع الذي ينتزع من مجموع مسائله المتباينة، كعنوان: ما يقع نتيجة البحث عنه في طريق الاستنباط وتعيين الوظيفة في مقام العمل ".
وهذا ما قاله السيد الخوئي (3).
3 - " الأدلة المشتركة في الاستدلال الفقهي خاصة " فيبحث في علم الأصول عن دليليتها.
وهذا ما قاله السيد الصدر (4).
ونحو هذه التعابير.
فائدة علم الأصول:
" اتضح مما سبق أن لعلم الأصول فائدة كبيرة للاستدلال الفقهي، وذلك أن الفقيه في كل