هذا كله بالنسبة إلى الإغاثة بصورة عامة، وقد تجب أو تحرم أو تصير مندوبة أو مكروهة لعوارض خارجية.
ومن موارد وجوبها ما إذا توقف عليها إنقاذ النفس المحترمة من الهلاك، أو إنقاذ عرض أو مال محترم، ومن ذلك أيضا إغاثة الحاكم الشرعي لمن استغاثه واستدعاه على خصمه.
ومن موارد حرمتها ما إذا كان المستغيث استغاث في باطل، كما إذا كان ظالما واستغاث في ظلمه، ونحو ذلك.
الإغاثة من فروض الكفايات:
كلما وجبت الإغاثة فهي غالبا على نحو الواجب الكفائي (1)، ما لم تصر واجبا عينيا لظروف طارئة.
حكم ترك الإغاثة:
إذا كان المستغاث به غير قادر على الإغاثة عقلا أو شرعا، فلا كلام، وإن كان قادرا عليها وتركها، فإن لم يترتب على ذلك تلف نفس أو مال أو نحوهما، فليس عليه إلا الحرمة التكليفية، لأنه ترك واجبا، وهو إغاثة المستغيث على فرض وجوبها.
وإن ترتب عليها شئ من ذلك، فهل يضمن شيئا أو لا؟
قال الشهيد الثاني ما حاصله: أنه لو منع مالك الطعام - إذا لم يكن هو مضطرا إليه - الشخص المضطر من طعامه، فمات جوعا، ففي ضمانه وعدمه وجهان:
من أنه لم يحدث فيه فعلا مهلكا.
ومن أن الضرورة أثبتت للمضطر في ماله حقا، فكأنه منع المضطر من طعامه.
لكن ضعف صاحب الجواهر الوجه الثاني (1).
العلاقة بين الاستغاثة والدفاع:
يظهر من بعض الفقهاء: أن أدنى مراتب الدفاع هو الاستغاثة، فلو هجم العدو على أهل دار، فالواجب دفعه أولا بالصياح والاستغاثة إن كان بحيث يلحقه الغوث، ولا ينتقل إلى المرتبة الأعلى وهي الدفاع باليد وما فوقها إلا مع عدم ترتب أثر على الاستغاثة. قال الشيخ الطوسي:
" إذا قصد رجل دم رجل أو ماله أو حريمه فله أن يدفعه بأيسر ما يمكن دفعه به، فإن كان في موضع يلحقه الغوث إذا صاح، دفعه عن نفسه بالصياح، وإن كان في موضع لا يلحقه الغوث دفعه باليد، فإن لم يندفع باليد دفعه بالعصا، وإن لم يندفع بالعصا دفعه بالسلاح... " (2).