لأن ذلك كله اضطرار، ومنعه على تقديره حرج منفي " (1).
وقال صاحب الجواهر - بعد نقل ذلك كله -:
" بل الظاهر تحققه بالخوف على نفس غيره المحترمة، كالحامل تخاف على الجنين، والمرضع على الطفل، وبالإكراه، وبالتقية الحاصلة بالخوف على إتلاف نفسه أو نفس محترمة، أو عرضه، أو عرض محترم، أو ماله، أو مال محترم يجب عليه حفظه، أو غير ذلك من الضرر الذي لا يتحمل عادة. بل لو كان مريضا وخاف بترك التناول طول المرض أو عسر علاجه فهو مضطر خوفا " (2).
لكن كلامه عام شامل للاضطرار الناشئ من الإكراه والتقية والضرر والضرورة، وكلامنا فعلا في الأخير، كما سيأتي توضيحه.
والمراد من " الخوف " في كلماتهم هو الخوف المعتد به عند العقلاء، لا مجرد الوهم (3).
الأحكام:
الاضطرار يرفع التكليف إجمالا، فيستباح به المحرم، ويترك به الواجب. وقد يعبر عن ذلك ب " قاعدة الاضطرار ".
مستند قاعدة الاضطرار:
استدل على القاعدة بالأدلة الأربعة:
الكتاب، والسنة، والإجماع، والعقل.
أولا - الكتاب:
دلت آيات عديدة على رفع التكليف عند الاضطرار، مثل:
1 - قوله تعالى: * (إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم) * (1).
2 - قوله تعالى: * (... فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم) * (2).
3 - قوله تعالى: * (وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه) * (3).
ثانيا - السنة:
دلت روايات عديدة على رفع التكليف - أو العقوبة - عن المضطر إلى فعل الحرام أو ترك الواجب، فمن ذلك:
1 - حديث الرفع، وقد روي بألسنة وعبارات مختلفة، منها ما رواه الصدوق في الخصال بإسناده عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " قال رسول