الفرق بين الأصول والأمارات:
ذكروا فروقا بين الأصول والأمارات لم تخل من مناقشات نشير إلى أهمها:
الأول - أن الأصول قد أخذ الشك في موضوعها (1) ولم يؤخذ في موضوع الأمارات، نعم الشك مورد لجريانها والتمسك بها. قال المحقق النائيني في مقام التفرقة:
" الأول - عدم أخذ الشك في موضوع الأمارة وأخذه في موضوع الأصل، فإن التعبد بالأصول العملية إنما يكون في مقام الحيرة والشك في الحكم الواقعي...
بخلاف الأمارات، فإن أدلة اعتبارها مطلقة لم يؤخذ الشك قيدا فيها، كقوله (عليه السلام): " العمري ثقة فما أدى إليك عني فعني يؤدي ".
نعم، الشك في باب الأمارات إنما يكون موردا للتعبد بها، لأنه لا يعقل التعبد بالأمارة وجعلها طريقا محرزا للواقع مع انكشاف الواقع والعلم به، فلا بد وأن يكون التعبد بالأمارة في مورد الجهل بالواقع وعدم انكشافه لدى من قامت عنده الأمارة، لكن كون الشك موردا غير أخذ الشك موضوعا، كما لا يخفى " (1).
الثاني - أن الأمارات - في حد ذاتها ومع قطع النظر عن حجيتها شرعا - قد أخذت فيها حيثية الكشف عن الواقع، فهي بمنزلة العلم من هذه الجهة، لكنها أقل مرتبة منه، لأن كشف الأمارة ليس مثل كشف العلم.
وهذا بخلاف الأصول، فإنها لم تلحظ فيها هذه الجهة. قال المحقق النائيني:
" الثاني - الأمارة إنما تكون كاشفة عن الواقع مع قطع النظر عن التعبد بها بخلاف الأصول العملية، غايته أن كشفها (2) ليس تاما كالعلم، بل كشفا ناقصا يجامعه احتمال الخلاف، فكل أمارة ظنية تشارك العلم من حيث الإحراز والكشف عما تحكي عنه، والفرق بينهما إنما يكون بالنقص والكمال...
فالأمارات الظنية تقتضي الكشف والإحراز بذاتها مع قطع النظر عن التعبد بها، وإنما التعبد يوجب تتميم كشفها " (3).
الثالث - أن الملحوظ حين جعل الحجية للأمارات هو صفة الكشف وإحراز الواقع، وليس كذلك في الأصول، فإن الملحوظ فيها إنما هو مجرد الجري العملي طبقها.