الأمر الثاني - هل يصدق الإسراف بصرف المال في وجوه البر؟
فيه قولان:
الأول - أن صرف المال في وجوه الخير والبر ليس إسرافا مطلقا.
يظهر ذلك من بعضهم: كالعلامة في بعض كتبه (1)، والشهيد الثاني في الروضة (2)، بل نسبه في المسالك إلى المشهور (3)، والمحقق الأردبيلي في مجمع الفائدة (4)، والسيد الخوئي في المستند (5).
وعللوه بما ورد في الكتاب والسنة: من الترغيب والتحريض على الإنفاق بصورة عامة - حتى مع الحاجة - وبما ورد عن بعض أئمة أهل البيت (عليهم السلام) كالحسن بن علي (عليهما السلام)، وبعض الصحابة: من صرف جميع أموالهم في وجوه الخير، وبما ورد في سبب نزول سورة " هل أتى ": أن أهل البيت - عليا وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) - أنفقوا كل طعامهم على المسكين واليتيم والأسير حتى بقوا ثلاثة أيام جياعا. وبغير ذلك (6).
الثاني - أن الإسراف يصدق في وجوه البر وغيرها، إذا كان زائدا على القدر اللائق.
اختار هذا القول العلامة في التذكرة (1)، والمحقق السبزواري (2) والمحدث البحراني (3)، والفاضل النراقي (4) - واستظهره الأخير من جماعة، منهم المحدث الكاشاني - وهو الظاهر من الشهيد الثاني في المسالك (5) وصاحب الجواهر (6)، بل من كل من جعل الصدقات والمبرات من المؤونة المستثناة مما يتعلق به الخمس من أرباح التجارات، وقيده بعدم الإسراف (7).
واستشهد بعض هؤلاء بما دل على صدق الإسراف في الإنفاق لو جاوز حد الاعتدال والوسط، وهي كثيرة كتابا وسنة، منها:
1 - قوله تعالى: * (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما) * (8).