الشرك في الصفات، وهو أن يعتقد أن صفات الله غير ذاته، والشرك في التشريع، بأن يكون الأمر والنهي في التشريع بيده وبيد غيره، والشرك في العمل، بأن يعمل لله ولغيره، والشرك في الولاء والمحبة، بأن يتولى الله ويتولى أعداءه ونحوها مما ذكروه في علمي الكلام والأخلاق. لكن القدر المتيقن منها الذي تترتب عليه الآثار الفقهية كالنجاسة وحرمة النكاح ونحوهما، هو الشرك في الذات والعبادة، والخالقية، وما سواها من مكملات الإيمان (1).
ثانيا - إطلاق الإشراك على ما يعتقده أهل الكتاب:
اختلف الفقهاء في إطلاق عنوان " المشرك " على أهل الكتاب، فذهب جملة منهم - وخاصة المتقدمين - إلى صحة الإطلاق، وبناء على هذا الرأي تشمل النصوص المتضمنة لعنوان " المشرك " أهل الكتاب أيضا، لكن استشكل جماعة أخرى في صحة هذا الإطلاق.
وممن صرح بصحته: ابن أبي عقيل، والسيد المرتضى، والشيخ الطوسي، والقاضي ابن البراج، والعلامة، وغيرهم.
قال ابن أبي عقيل - على ما نقل عنه -:
" فأهل الشرك عند آل الرسول (صلى الله عليه وآله) صنفان: صنف أهل الكتاب، وصنف مجوس وعبدة أوثان وأصنام ونيران... " (1).
وقال السيد المرتضى: "... ولا شبهة في أن النصرانية مشركة " (2).
وقال الشيخ الطوسي: " ولا يجوز للرجل المسلم أن يعقد على المشركات على اختلاف أصنافهن يهودية كانت أو نصرانية أو عابدة وثن... " (3).
وقسم في المبسوط المشركين إلى أقسام ثلاثة: من لهم كتاب، وهم اليهود والنصارى، ومن لا كتاب لهم ولا شبهة كتاب، وهم عبدة الأوثان، ومن لهم شبهة كتاب، وهم المجوس (4).
وقال ابن البراج: " ولا يجوز للمسلم العقد على مشركة: عابدة وثن كانت أو يهودية، أو نصرانية، أو مجوسية، أو غير ذلك، على اختلافهم في الشرك " (5).
وقال العلامة - مستدلا على شمول عنوان " المشرك " لأهل الكتاب -: " وأما اليهود والنصارى، فلقوله تعالى: * (وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله... سبحانه عما يشركون) * (6)