فما ورد في وصية النبي (صلى الله عليه وآله) لعلي بن أبي طالب (عليه السلام). فقد روي عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): يا علي أوصيك في نفسك بخصال فاحفظها، ثم قال: اللهم أعنه، أما الأولى:
فالصدق... والثانية: الورع... والثالثة: الخوف من الله... والرابعة: كثرة البكاء من خشية الله...
والخامسة: بذل مالك ودمك دون دينك، والسادسة: الأخذ بسنتي في صلاتي وصيامي وصدقتي: أما الصلاة، فالخمسون ركعة، وأما الصوم، فثلاثة أيام في كل شهر... أما الصدقة، فجهدك حتى يقال: أسرفت ولم تسرف... " (1).
وفي الرواية احتمالان:
الأول - أن حد التصدق هو أن يقال في العرف العام: إن ذلك إسراف، في حين لم يكن إسرافا شرعا. وإذا وصل إلى هذا الحد فينبغي الكف عن التصدق.
الثاني - أنه لا حد للتصدق، فللانسان أن يتصدق بماله وإن اعتبره العرف العام إسرافا.
وأما ما يناسب القول الثاني:
فما رواه الوليد بن صبيح عن أبي عبد الله (عليه السلام): " أنه تصدق على ثلاثة من السؤال، ثم رد الرابع وقال: لو أن رجلا كان له مال يبلغ ثلاثين أو أربعين ألف درهم، ثم شاء أن لا يبقي منها إلا وضعها في حق لفعل، فيبقى لا مال له، فيكون من الثلاثة الذين يرد دعاؤهم.
قلت: من هم؟ قال: أحدهم: رجل كان له مال فأنفقه في وجهه، ثم قال: يا رب ارزقني، فيقال له: ألم أجعل لك سبيلا إلى طلب الرزق؟ " (1).
ويؤيده أيضا ما رواه الطبرسي - في مجمع البيان - في قضية توبة أبي لبابة أنه قال: " يا رسول الله إن من توبتي أن أهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب، وأن أنخلع من مالي كله. قال (صلى الله عليه وآله):
يجزيك يا أبا لبابة الثلث " (2).
الإسراف فيما يتعلق بالزكاة:
تقدم أن الإسراف في الإنفاقات الواجبة المحددة لا معنى له، نعم هناك بعض الجوانب ربما يتحقق فيها الإسراف، مثل:
1 - التصدق عند الحصاد والجذاذ (3):
يستحب التصدق (4) عند حصاد الزرع - كالحنطة والشعير ونحوهما - وجذاذ التمر ونحوه،