استهلك فيه أو لا، لأن المائع القليل ينجس بمجرد الملاقاة مع النجس، ولا يؤثر فيه الاستهلاك المتأخر.
وأمثلة ذلك كثيرة - مثل وقوع قليل من الخمر في قدر المرق واستهلاكه فيه، أو وقوعه في الخل واستهلاكه فيه (1) - لكن هناك مورد تكلم الفقهاء فيه، وهو ما لو وقع في قدر المرق قليل من الدم، فعلى ما تقدم ينجس المرق بمجرد ملاقاته مع الدم وإن استهلك الدم فيه، لكن هناك قول بطهارته استنادا إلى بعض النصوص رميت بالضعف (2).
2 - استهلاك القليل الطاهر في القليل الطاهر:
وفي هذه الصورة لا يتغير حكم المستهلك إلا إذا كان له حكم آخر، ومن أمثلته: استهلاك الدم الخارج من الأسنان ونحوها في ماء الفم - بناء على طهارة الدم في الباطن - فإنه لو اجتمع الدم في فضاء الفم ولم يستهلك في مائه حرم بلعه، لاستخباثه لا لنجاسته، أما لو استهلك فيه فترتفع الحرمة (3).
3 - استهلاك النجس في الكثير الطاهر:
إذا كان الماء المستهلك فيه مطلقا وطاهرا وكثيرا، فالنجس المستهلك يصير طاهرا، سواء كان جامدا أو مائعا، كثيرا أو قليلا، مضافا أو مطلقا.
وهذه الصورة أهم صور الاستهلاك، وموارده كثيرة، منها:
1 - أن المضاف المتنجس - سواء كان قليلا أو كثيرا - لا يطهر إلا باستهلاكه في الماء الكثير المطلق الطاهر، فإنه يرفع إضافته ويصيره طاهرا. وقد قيل: " كان بناء الأصحاب على عدم طهارة المائعات غير الماء إلا بالاستهلاك " (1).
لكن ربما يقال: إطلاق الطهارة بالاستهلاك، فيه نوع من التسامح، لأن النجس لا يبقى موضوعه بعد الاستهلاك كي يحكم عليه بالطهارة، بل ينعدم حكم النجاسة لأجل انعدام موضوعها بالاستهلاك (2).
ومن أمثلته: استهلاك الخل المتنجس، أو اللبن، أو ماء الورد في الماء الكثير.
2 - الأعيان النجسة، مثل الدم والبول والمني ونحوها، إذا استهلكت في الماء الكثير المطلق الطاهر تطهر بالمعنى المتقدم، أي انعدام موضوع النجاسة (3).