لم أعثر على تصريح بذلك، نعم ربما يدخل في بحث دفع الضرر عن الغير: هل هو واجب مطلقا حتى مع الإضرار بالنفس أو لا؟
الظاهر من كلام الشيخ الأنصاري في باب الإكراه على الإضرار بالغير، عدم الوجوب، فإنه قال عند الكلام عن تحمل الضرر ودفعه عن الغير:
" نعم، لو تحمل الضرر ولم يضر بالغير فقد صرف الضرر عن الغير إلى نفسه عرفا، لكن الشارع لم يوجب هذا، والامتنان بهذا على بعض الأمة لا قبح فيه، كما أنه لو أراد ثالث الإضرار بالغير لم يجب على الغير تحمل الضرر وصرفه عنه إلى نفسه ".
ثم قام ببيان الفرق بين هذه الصورة وبين صورة الإضرار بالغير لدفع الضرر عن شخص آخر، فقال: "... فإنه لا حرج في أن لا يرخص الشارع دفع الضرر عن أحد بالإضرار بغيره، بخلاف ما لو ألزم الشارع الإضرار على نفسه لدفع الضرر المتوجه إلى الغير، فإنه حرج قطعا " (1).
فالمستفاد من كلامه: أنه لا يجب تحمل الضرر لدفع الضرر عن الغير.
الإصلاح بين الزوجين:
لو تحقق الشقاق بين الزوجين فينبغي بعث حكمين للإصلاح ورفع الشقاق بينهما.
والشقاق هو الكراهة بين طرفين - لا من طرف واحد - المنتهية إلى حد الاختلاف وعدم الاجتماع على رأي، فكأنهما باختلافهما كل واحد في شق، أي في جانب (1).
قال تعالى: * (وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا) * (2).
وقد تكلم الفقهاء في عدة أمور ترتبط بكيفية بعث الحكمين نشير إليها إجمالا ونحيل التفصيل على عنوان " شقاق " إن شاء الله تعالى، فنقول:
أولا - تكلم الفقهاء في الحكم التكليفي لبعث الحكمين، هل هو واجب أو ندب؟ ولهم فيه قولان:
الوجوب، لظاهر الأمر في الآية الكريمة، والندب، لإمكان الإصلاح بدون بعث الحكمين (3).
ثانيا - هل المخاطب بالبعث الزوجان، أو أهلهما، أو الحاكم؟ فيه أقوال، والمنسوب إلى الأكثر هو الأخير (4)، ويوافقه سياق الآية.
ثالثا - هل يشترط في الحكمين أن يكونا من أهل الزوجين أو لا؟