وحاصل الوجه الذي ذكروه هو:
إن كان المراد من " أشهر الحج " الأشهر التي يصح إنشاء الحج فيها، فهي: شوال وذو القعدة والعشر الأول من ذي الحجة، لأن الحج إنما يمكن إنشاؤه إلى قبل طلوع الشمس من يوم النحر أو قبل الزوال فيه - على الاختلاف - إذ لا بد من إدراك الوقوفين: عرفة والمشعر الحرام، أو الوقوف الاضطراري في المشعر.
وإن كان المراد منها ما يصح إيقاع أعمال الحج فيها، فإن ذا الحجة كله من أشهر الحرم، لأن بعض الأعمال يمكن إيقاعها في جميع أيام ذي الحجة، مثل طواف الحج وطواف النساء والسعي.
وهذه الأمور مما لا خلاف فيها إجمالا (1)، فلا أثر للخلاف في تفسير " أشهر الحج " إلا أن يراد بيان المقصود من الآية (2).
الأحكام:
لزوم إيقاع الحج وعمرة التمتع في أشهر الحج:
يشترط في الحج بأقسامه أن يكون وقوعه في أشهر الحج. قال صاحب المدارك بعد بيان المراد من أشهر الحج: " إذا تقرر ذلك فنقول: إنه يعتبر في الحج وقوع أفعاله في هذه الأشهر إجماعا (1)، لقوله تعالى: * (الحج أشهر معلومات) * (2)، وتقديره: وقت الحج أو أشهر الحج، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، وإذا كان هذا الزمان وقتا للحج لم يجز تقديمه عليه، كما لا يجوز تأخيره عنه، ويدل عليه روايات، منها: رواية زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: " الحج أشهر معلومات: شوال، وذو القعدة، وذو الحجة، ليس لأحد أن يحرم بالحج في سواهن " (3) " (4).
وعمرة التمتع مثل الحج من حيث لزوم وقوعها في أشهر الحج (5)، أما العمرة المفردة فيجوز إيقاعها في جميع أيام السنة (6).
حكم من أحرم للحج أو عمرة التمتع في غير أشهر الحج:
لا إشكال ولا خلاف في أن الإنسان لو عقد إحراما في غير أشهر الحج بنية الحج أو عمرة التمتع لم ينعقد إحراما للحج ولا عمرة تمتع، كما تقدم.