مع عدم تجاوز عدد الغسلات الجائزة - سواء كانت واجبة أو مندوبة - ولذلك قالوا: " الإسراف في ماء الوضوء مكروه، لكن الإسباغ مستحب " (1). وقد تقدم الكلام عن ذلك في عنوان " إسباغ ".
ومستندهم في ذلك رواية حريز عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " إن لله ملكا يكتب سرف الوضوء كما يكتب عدوانه " (2).
لكن نفى السيد الخوئي كراهة الإسراف في ماء الوضوء، لضعف مستند الكراهة، وهي رواية حريز المتقدمة بمحمد بن الحسن بن شمون وسهل بن زياد، فيبتني القول بالكراهة على القول بالتسامح في أدلة السنن ثم التعدي من المستحبات إلى المكروهات، لكن القاعدة غير تامة عنده (3).
هذا كله في صورة عدم تجاوز عدد الغسلات المحددة شرعا، أما مع تجاوزها، فإن فعل ذلك بنية الوضوء، فالمشهور - كما قيل - حرمة ذلك، من جهة كونه بدعة وتشريعا محرما (1).
وإذا قلنا: بأن مجاوزة الحد الشرعي إسراف، فيشمله حكم الإسراف وإن لم نقل بحرمة زيادة عدد الغسلات من جهة التشريع.
الإسراف في الغسل:
نبه جملة من الفقهاء على ضرورة الابتعاد عن الإسراف في الغسل بعبارات ومناسبات مختلفة.
فقد ذكر العلامة من جملة سنن الغسل: أن يتعهد المواضع المشتملة على انعطاف والتواء، كالأذنين وما تحت الخاتم الواسع والسوار، ومنابت الشعر فيخلل أصوله قبل إفاضة الماء على الرأس، ليكون أبعد من الإسراف وأقرب إلى ظن وصول الماء... (2).
وعلق عليه الشهيد في الذكرى بقوله: " وقد نبه عليه قدماء الأصحاب " (3).
لكن يحتمل أن يكون الأصحاب قد نبهوا