فهذه الرواية راجعة إلى بيان حكم الاندار بعد المعاملة لا في بيان حال الاندار عند البيع، وضمير لا تقربه يرجع إلى الاندار لا إلى البيع كما هو واضح، فتدل على عدم الجواز في صورة الزيادة مطلقا رضي به البايع أم لا.
ودعوى ظهور الرواية في صورة التراضي، من جهة أن المحاسب إما البايع أو وكيله وعلى كل حال فهما راض بذلك دعوى فاسدة، فإن العادة جارية حتى الآن على كون المحاسب غير البايع ووكيله، كما نشاهد في السوق والخانات أن أهل البادية يجلبون الأثمار من الرقي والبرتقال والرمان وغيرها أو الألبان وغيرها من الأمتعة ويقفون في الخارج وينظرون إلى أمتعتهم، فيوزن شخص واحد ويحاسب شخص آخر من صاحب الخان أو الدلال، فيعطون قيمة أمتعته على حسب انصافهم أقل أو أكثر.
ففي هذا المقام نهى الإمام (عليه السلام) عن الاندار بالزيادة بحيث لا يحتمل النقيصة أو التساوي، فقوله (عليه السلام): إن كان زائدا فلا تقربه، ليس معناه أنه إذا احتمل الزيادة دون النقيصة مقابل احتمال الزيادة والنقيصة، فإنه خلاف الظاهر من الرواية.
نعم لو رضي البايع بالزيادة كما هو المتعارف فعلا فلا بأس به على القاعدة، حيث يوزنون الأثمار في الخانات من الرقي وغيره وبعد تمام العيار يأخذون الواحد أو الاثنين يعطونه للمشتري، فإنه لا بأس به لجريان العادة عليه ورضي البايع بذلك.
وتدل على الجواز مع التراضي الروايتان الأخيرتان فتكونان مقيدتين لرواية معمر الزيات، فعلم مما ذكرناه أنهما أيضا وردتا على طبق القاعدة، فإن التصرف في مال الغير مع رضي منه جائز، أحدهما: رواية