أقول: الظاهر أنه لا يمكن تصديق هذا التفصيل على وجه الاطلاق، فإن لازم ذلك أنه إذا قال: بعتك هذا الكيلو من السكر بعشرة دنانير بشرط أن يكون ما في الكيس لك، فلا يعلم أن ما في الكيس درهم أو دينار أقل أو أكثر.
فهذا من أوضح أفراد المعاملة الغررية، فإن المعاملة في نظر العرف يلاحظ مع جميع شروطها وإن لم يكن للشروط قسط من الثمن، فلو عامل أحد هكذا، بأن باع داره التي تسوي بألف دينار بدينار بشرط أن يكون ما في الصندوق أيضا للبايع، فلا يعلم أن فيه أي مقدار من الفلس، فلا يشك أحد في كون مثل هذه المعاملة غررية جدا.
والتحقيق أن يفصل في المقام بأن مدرك بطلان البيع الغرري إن هو دليل نفي الغرر، فلا شبهة في كون مثل هذه المعاملة غررية كما عرفت، ولكن عرفت المناقشة فيه من حيث السند والدلالة، وإن كان المدرك في المقام هو الاجماع، بأن يقال: إنه قام الاجماع على كون الجهالة مبطلة للمعاملة.
فمن الواضح أنه دليل لبي فيقتصر على المورد المتيقن، وهو ما إذا كانت الجهالة في المبيع لا في الشروط، إلا أن يكون لأحد قطع على شموله للشروط أيضا، ونحن لا نقطع بذلك.
وتوهم أن الشرط يوجب رفع الغرر مع خيار تخلف الشرط كما تقدم فاسد، فإن هذا الشرط النتيجة فلا خيار فيه، فإن قول البايع: بعتك الشئ الفلاني بكذا بشرط أن يكون ما في الكيس لك، اشتراط كون ما في الكيس له قليلا كان أو كثيرا، ويتحقق ذلك بمجرد تحقق البيع فلا تخلف فيه حتى يوجب ثبوت الخيار.