كما تقدم في البحث عن بيع الغرر، فإن الغرر إنما هو يتحقق في المعاملات بحسب النوع وإن كان البيع في اعتقاد المشتري غير غرري.
مثلا لو اشترى صبرة مجهولة من الحنطة ولم يكن مورد غرضه إلا حقة واحدة فلا يوجب ذلك ارتفاع الغرر عن المعاملة بحسب الغرض النوعي، وهكذا لو اشترى أجمة ولم يكن غرضة إلا القصب مع كونها مشتملة على الأسماك الكثيرة، فإنه لا شبهة في كون المعاملة غررية بحسب الغرض النوعي وإن كان غرض المشتري حاصلا، وهكذا وهكذا.
وعلى الجملة فالأغراض الشخصية غير دخيلة في رفع الغرر، وإن كان أصل قوام الغرر وتحققه شخصيا، أي قائما باحتمال الخطر الذي هو أمر شخصي.
وإن كان المراد من القصد والغرض هو الغرض النوعي، وعليه فإن كان المقصود الذي جعل تابعا من القلة بمكان لا يعتنيه العرف في مقابل المقصود، بحيث لا يكون دخيلا في زيادة المالية للمبيع أصلا، فلا شبهة في صحة البيع.
وهذا كما إذا اشترى آجاما وكان هو المقصود من البيع، وكانت الأجمة مشتملة على السمكة أو سمكتين، فإن الجهل بهذا لا يضر بصحة البيع، فلا يوجب كون المعاملة غررية، فإن العادة قاضية بأن الأجمة لا تخلو من سمك عادة.
ومن هذا القبيل بيع الدجاج ثم باضت، فإن الجهل بوجود البيض فيه لا يضر بصحة بيع الدجاج، لكون السمك في المثال الأول ووجود البيض في المثال الثاني غير مقصود وغير دخيل في مالية المبيع، وإن كان كل من السمك والبيض يباعان مستقلا ويتساويان بالمال.