وعلى هذا فيصح البحث في أن الاسكار حكمة أو علة، وهكذا في كل مورد علل ثبوت الحكم بشئ آخر، كجعل العدة المعلل باختلاط المياه ونحوه، وأما فيما يكون العنوان المأخوذ في الأدلة بنفسه موضوعا للحكم فلا مجال للنزاع المذكور.
ومقامنا من هذا القبيل، فإن عنوان الغرر كعنوان الضرر والحرج بنفسه موضوع للحكم ببطلان المعاملة الغررية، فيكون نظير العلة من حيث دوران الحكم مداره وجودا وعدما على نحو القضية الحقيقية، ففي كل مورد ثبت الغرر فيوجب بطلان البيع وإلا فلا، فإن عنوان الغرر مأخوذ في النبوي بعنوان القضية الحقيقية، فيكون صدقها تابعا بتحقق الغرر الشخصي في الخارج، فلا مجال لتوهم بطلان البيع فيما إذا كان العوضين أو أحدهما مجهولا ولكن لم يكن فيه غرر، كما في الموارد التي ذكرناها.
فهل يتوهم فقيه أو متفقه بل عوام أنه إذا كان التوضئ حرجا على جميع الناس لبرودة الهواء إلا لشخص واحد لحرارة مزاجه فيكون وجوب الوضوء مرتفعا عنه لكونه حرجا على نوع الناس، وليس كذلك قطعا، وكذلك المقام، وهذا ميزان كلي، وقد ذكرنا هذه الكبرى الكلية في غير موارد البحث عن الحكمة والعلة وعدمه في غير واحد من المباحث.
وأما إذا كان المدرك هي الأخبار الواردة في اعتبار الكيل في المثمن، فليس فيها لفظ الغرر حتى نتكلم في ذلك كدليل نفي الغرر، بل لسانها اعتبار الكيل والوزن في المكيل والموزون.