أنه لا دليل على بطلان وقف المنقطع الآخر إلا الاجماع، وحيث إنه دليل لبي لا يشمل ما نحن فيه، وذلك فإن اشتراط الانقطاع على أقسام:
1 - أن يوقف ويشترط في ضمن الوقف بيعه بعد عشر سنوات، وكون الثمن للموقوف عليهم، وهذا من أفراد الوقف المنقطع، فصحة ذلك يتوقف على صحة كلية وقف المنقطع، لأنه من مصاديقه أيضا.
2 - أن يوقف عينا كالدار ونحوها على فلان ولعقبه إلى خمسة مراتب، فيكون الوقف منقطعا بانقراض الموقوف عليهم، فهذا أيضا من أقسام الوقف المنقطع، فيكون ذلك كالأول موردا للاجماع على بطلان الوقف المنقطع.
ففي هاتين الصورتين يكون الوقف من الأول بحسب الانشاء منقطعا، فيكونان موردين للاجماع متيقنا، فيحكم بالبطلان على تقدير تحقق الاجماع وحجيته.
3 - أن يكون الوقف بحسب انشاء الواقف مؤبدا من غير أن يقيده بوقف أو بشخص، بحيث يكون الوقف منقطعا بحسب انشاء الواقف، ولكن يشترط في ضمن الوقف قطع ذلك الوقف المؤبد، بأن يبيعه متى شاء أو يبيعه الموقوف عليهم متى شاؤوا، فهذا ليس وقفا منقطع الآخر بوجه وإنما هو وقف مؤبد، ولكن يقطعه بحسب الاشتراط، فقطع الوقف غير الوقف المنقطع.
فمثل هذا لا نظن بطلانه، والاجماع المدعى على بطلان الوقف المنقطع الآخر لا يجري هنا، لكونه دليلا لبيا فلا بد من إرادة المتيقن من ذلك، ما هو المتيقن إنما هو القسم الأول والقسم الثاني، بل يدل على صحة ذلك: أوفوا بالعقود (1) والمؤمنون عند شروطهم، فإن عقد الوقف